الدوري وكاترين وما بينهما

كتبت المهندسة العراقية كاترين ميخائيل مقالاً ساخراً قبل أشهر في «الحوار المتمدن». ولأهمية ما ورد فيه وانطباقه على وضعنا، فإننا نعيد صياغته، لتضمنه عبارات قاسية يجرم قانون المطبوعات ذكرها، في ظل كل هذا القهر الديني الذي نعيشه! وجاء مقال كاترين رداً على ما أعلنته مها الدوري عضو البرلمان العراقي عن قائمة الصدر، عن أنها ستبدأ حملة جمع تواقيع في جميع أنحاء العراق لإعلان التضامن مع النساء المسلمات في الغرب، و«حقهن» في ارتداء النقاب، وأن عنوان الحملة سيكون «نعم نعم للإسلام، نعم نعم يا ربي»، وتهدف الدوري من خلال حملتها إلى الضغط على الغرب، ومنع حكوماته من تشريع قوانين تمنع الحجاب! وأنها ستخاطب الأمم المتحدة والمؤتمر الإسلامي ومنظمات حقوق الإنسان لطلب تضامنها ومساندتها، لأن المرأة المسلمة في الغرب تتعرض لحملة شرسة، تهدف إلى سلبها حريتها الشخصية، وتمسكها بأحكام دينها. وأضافت الدوري أن حملتها تهدف إلى كشف زيف الغرب بما يدعيه من حرية وديموقراطية بعد الإجراءات التي وضعها ضد الحجاب والنقاب، في الوقت الذي يشجعون فيه زواج المثليين ولا يعاقبون على جرائم الزنى واللواط ويسمحون لنسائهم بالتعري!
وهنا تتساءل كاترين، رداً على الدوري: ماذا تفعل نساؤنا المحجبات والمنقبات في أوروبا الكافرة، إذا كن يتعرضن للقمع والاضطهاد؟ لماذا لا يرجعن إلى بلدانهن ويستمتعن بعدالة وتكريم المرأة فيها، وحيث بإمكانهن التمتع بحقوق «النكاح الشرعية من دون عوائق»؟ وتستطرد: ألم يكن من واجبك أيتها السيدة النائب إطلاق حملة لمساندة المرأة العراقية التي تقتل على أيدي المجرمين والإرهابيين، ومنهم ميليشيات تابعة لحزبك؟ أم أن هذا لم يكن من اختصاصك؟ ألم يكن الأجدر بك رفع حملة تطالبين بها قيادات حكومتك الموقرة بملاحقة المتاجرين بأعراض النساء العراقيات في الكثير من الدول المجاورة، واستغلال فقر المراهقات البريئات لاستخدامهن في أحط المهن؟ ألم يكن الأجدر بك أن تطالبي بحقوق أربعة ملايين أرملة ويتيم عراقي، ولترضي ربك، وتساعدي أبرياء العراق؟ لمَ لم يصدر عنك كلمة واحدة عن المرأة الكردية شيرين اليمهولي التي أعدمتها سلطات إيران وهي مسلمة؟ وهل سمعت بامرأة أعدمتها أوروبا الكافرة؟ ألم تفكري، ولو للحظة واحدة، في التوجه بندائك إلى رجال الدين المتطرفين ومطالبتهم بمنع فتاواهم التي تهدر دم الشعب العراقي؟ لمَ لا تطالبين بإيقاف تصدير المخدرات لنا من دولة جارة وحبيبة إلى قلبك، وهي التي تدمر حياة شبابنا وشاباتنا؟ ألم يكن الأجدر بك أن تطالبي حكومتك بالحفاظ على شرف وكرامة المرأة العراقية؟ فهل هي أكثر احتراماً للمرأة من الحكومات الغربية الفاجرة؟
لماذا لم تسائلي عن المعاملة غير العادلة التي تعامل بها المرأة العراقية في الجامعات، وتفضيل الذكور عليها؟ ولماذا لا تقومين بحملة في العراق للمطالبة بالقصاص من الرجال الذين يقتلون المرأة العراقية بذريعة غسل العار، وأكثر الضحايا قتلن بريئات، ودعاء بعشيقة خير مثال؟!
والآن، لو غيّرنا مضمون هذا المقال، وبحثنا في أولويات حكومتنا ونوابنا، ألا نجد ما يشبه ذلك في ترك الأمور الحيوية والخطيرة والمهمة، والاتجاه إلى توافه الأمور لأنها أسهل حلاً، وأكثر دغدغة للرديء من الأحاسيس، وأكثر كسباً للأصوات؟

الارشيف

Back to Top