براءة الخارجية الإيرانية

تتمتع ايران، بفضل نظام حكم وضع في عهد الخميني، بمناعة كبيرة ضد الانقلابات، وهذا بالذات سر ضعفها عالميا وعدم قدرتها على خلق صداقات متينة مع أي من دول الجوار، أو التمتع بسمعة دولية مقبولة بسبب تعدد الأجهزة المهمة والخطرة التي تمسك بمفاصل الدولة، والتي تعمل باستقلالية شبه كاملة وبمعزل عن الأجهزة أو الجهات الأخرى. فهناك منصب المرشد الأعلى الذي يفترض أنه يمسك من خلاله بكل خيوط اللعبة، ولكن لا سن المرشد ولا معارفه وقدراته تسمح له بفهم ومتابعة كل ما يجري داخليا وخارجيا في دولة شاسعة غنية متعددة الأعراق واللغات مثل ايران. وهناك رئيس الجمهورية الذي تتفاوت درجة قوته وضعفه بمدى رضا المرشد الأعلى عنه، فخاتمي مثلا كان غير مقبول بعكس الرئيس الحالي. وهناك قيادة الجيش، التي لا سيطرة لها على الحرس الثوري، الذي يفوق الجيش عددا وعتادا، والذي يأتمر بأمر المرشد، ولا سلطة لرئيس الجمهورية أو وزير الدفاع على الجيش أو الحرس الثوري. وهناك أجهزة المخابرات المتعددة التي ورثت كامل تركة «السافاك» الرهيبة، وهذه لا سيطرة فعلية لوزير الداخلية عليها ولا حتى لوزير المخابرات. كما أن هناك مجلس النواب الذي نزع النظام الديني كل مخالبه واسنانه واصبح كالحمل التائه، هذا بخلاف الأجهزة الرقابية العديدة الأخرى كجهاز تشخيص مصلحة النظام.
وبسبب كل هذه الاجهزة الرهيبة في قوتها وموازناتها الضخمة واستقلاليتها شبه المطلقة، فإنني أميل الى تصديق ما ذكرته وزارة الخارجية الايرانية من عدم علمها بشبكة التجسس على الكويت، فلا توجد جهة واحدة تتحكم، وفي الوقت، تعلم بكل ما يجري في ايران! ولكن هل النظام بريء من تهمة التجسس؟ لا أعتقد ذلك!

الارشيف

Back to Top