لا استثناء ولو واحداً!

لو أخذنا كمثال ما يتكرر ارتكابه من أخطاء قاتلة في وزارات كالمواصلات او الداخلية او الكهرباء او الشؤون، المرة تلو الاخرى، من دون ان يبدو في الافق انها لن تتكرر، لوجدنا ان سبب ذلك يكمن في غياب مبدأ المحاسبة او الــ accountability في الحياة السياسية او الادارية في الكويت، وربما في غيرها من بلداننا المتأخرة. وقد وصل التسيب الى درجة أن مرتكب الجرم او المسؤول عنه لا يبادر حتى الى الاستقالة أو الاعتراف بالخطأ أو المسؤولية، بل يبقى ساكتا بانتظار قرار ممن هو أعلى منه، والذي ربما سيشاركه السكوت عن الخطأ لكي لا تطاله المسؤولية ايضاً، أو يقوم بتجميد مرتكب الجرم أو حتى الحاقه بديوان الوزارة ليأتي من بعده آخر يعيده الى منصبه نفسه أو الى ما هو أعلى‍! وهكذا نرى ان الغياب شبه التام لمبدأ المحاسبة وتحديد المسؤولية عن الفعل او الجرم، شبه غائب عن حياتنا في المنزل والعمل والوظيفة، وبالتالي تكرر تقاعس وزراء المواصلات والكهرباء سنة بعد أخرى في تحصيل مئات ملايين الدنانير من المستفيدين من خدمات وزاراتيهم، وأكاد أجزم بأن مجلس الوزراء لم يفكر يوما في مساءلة أي وزير عن هذه الأخطاء الفادحة، والأمر ذاته ينطبق على مشاكل محولات وتمديدات ومحطات توليد الكهرباء الخربة التي تم التعاقد عليها طوال 20 عاماً الاخيرة على الاقل، ومئات ملايين الدنانير التي تقاعس الوزراء انفسهم، منذ التحرير وحتى اليوم، في تحصيلها من المواطنين والشركات، من دون سبب مقبول! كل هذا دفع الجميع تقريبا الى ارتكاب أي أمر وقول أي شيء لشعورهم بأن لا محاسبة ولا ملاحقة ولا متابعة، الا في أضيق الحدود، ومتى ما اشتهت الحكومة!
ولو قرأنا نصوص الخطب التي ألقيت في آخر مؤتمر عن الاعجاز العلمي في القرآن، الذي عقد في الكويت قبل 30 شهرا، لوجدنا أن جميع الادعاءات المتعلقة بالتوصل الى أدوية «اسلامية» لأمراض الوباء الكبدي والايدز وسرطان الرئة والسكري، وغيرها من الأمراض المستعصية لم يتحقق شيء منها بعد مرور كل هذا الوقت، علما بأن واحدا ممن «بشرونا» بالتوصل الى بعض تلك الاكتشافات كان وزيرا في الحكومة الكويتية وقتها!
ولو كان ذلك الوزير، أو أي من أولئك المدعين، على دراية بوجود نظام يحاسبهم على أقوالهم لما تجرأ اي منهم على فتح فمه! وغياب مبدأ المحاسبة يعتبر سببا رئيسيا في تخلفنا وتفوق الغرب الرهيب والمفزع علينا في كل مجال دون استثناء، ولو شبه واحد!
* * *
ملاحظة: عقد السيد فيصل الزامل، الذي يشغل مجموعة من المناصب، ومنها رئيس اللجنة الاقتصادية في اللجنة الاستشارية العليا لأسلمة القوانين، مؤتمرا في 26/3/2008، أعلن فيه عن إقامة «اللجنة» ندوة حول القيم والأخلاق المنظمة للمؤسسات الاقتصادية في الكويت. وبعد مرور أكثر من 13 شهرا على الندوة لانزال بانتظار نتائجها!

الارشيف

Back to Top