البهرة

يمكن القول ان لا شيء تغير إلى الاحسن في اذهان متطرفي الامة منذ انشاء لجنة الوسطية قبل عامين ونصف العام. بل ربما الاقرب للدقة القول ان التطرف ضد الآخر لدى الكثيرين قد ازداد بصورة ملحوظة في الفترة الاخيرة.
آخر ضحايا التطرف ضد الآخر كانت 'جماعة البهرة'. فقد صدر منشور وزع على نطاق واسع يحذر من وجودهم بيننا ويصفه بالخطر الداهم! كما تضمن المنشور عرضا لمعتقدهم وتاريخهم وتشكيكا بعقائدهم ونواياهم!
وعلى الرغم من قيام البعض من اتباع الاحزاب الدينية، وباستحياء ظاهر، بادانة المنشور والقول انه مدسوس، فإن الحقيقة المعروفة ان هؤلاء، وغيرهم من المتطرفين، لا ينظرون بخير الى هؤلاء وليس باستطاعتهم تفهم شعائر وعقائد اتباع المذاهب والاديان الاخرى المختلفة عنهم. فالجميع بنظرهم جماعات على غير صحيح الدين والسنة الحميدة، وبالتالي يجب الطلب منهم ونصحهم بترك المنكر المتمثل بطريقة فهمهم للدين، او بقبول ما سيحل بهم من عقاب دنيوي عاجل وسماوي آجل! فمحمد الطبطبائي، عميد الشريعة، وخالد شجاع العتيبي، المدرس في جامعة الكويت، وغيرهما، دانوا المنشور، ولكنهم لم يترددوا مثلا عن مطالبة من هم وراءه بحسن دعوة البهرة إلى طريق الحق وتصحيح ما هم فيه من منكر، وان يبينوا لهم خطأ ما هم عليه! اتعامل شخصيا، ومنذ أكثر من 30 عاما، مع مواطنين هنود بهرة كشركاء وكموردين ومصدرين. ولا يختلف وضعي عن وضع عشرات آلاف المواطنين والمقيمين الآخرين الذين يشاركون هؤلاء التجارة والصناعة منذ عقود من دون مشاكل تذكر. ويمكن القول ان 'البهرة' بشكل عام، وفي الكويت بالذات، اكثر الناس ميلا للسلم ونبذ العنف، وسجلات وزارة الداخلية تشهد على ذلك.
وحيث انهم لا يسعون الى التبشير بمذهبهم الاسلامي، ولا يرغبون في دخول احد إليه، ولا يسعون للتأثير على الآخرين ودفعهم لترك مذهبهم واتباعهم، فإنهم بالتالي لا يمكن ان يشكلوا خطرا داهما، حسب قول المنشور، على الكويت او مواطنيها وبالتالي يصبح قول المنشور 'ان وجودهم يشكل خطرا داهما' دعوة لنشر الفتنة والحقد الطائفي في المجتمع.
ان المشكلة الحقيقية تكمن في حقد البعض، وهم فئة معروفة، على الآخر وكراهيتهم واحتقارهم لكل ما لا يمت لهم ويتبع مذهبهم الديني. ولو كان البهرة المسلمون يشكلون خطرا داهما على الكويت، فهذا يعني ان جميع الفئات الأخرى، والذين يشكلون 80% من سكان الكويت، يشكلون الخطر نفسه على الكويت وأمنها، وهذا يعني ضرورة اخراجهم من البلاد! فهل هذا ما يريده سلفيو الكويت؟

الارشيف

Back to Top