رحلة الألف ميل

غرقت الكويت قبل 5 سنوات تقريبا في مياه عاصفة مطرية غطت معظم المناطق، وخربت الكثير من طرقها، وتسببت في خسارة الكثير من الممتلكات الخاصة والعامةِ
وكانت اكبر الخسائر البشرية تلك التي اصابت عائلة الصديق الانسان عبد العزيز العلي، الذي اشتهر بكرمه ووطنيته، وذلك عندما لقي حتفه في فتحة منهول مجار مفتوح!
وقد نشرت'القبس' قبل ايام تحقيقا مصورا على نصف صفحة بينت فيه تزايد عدد فتحات المجاري ومياه الأمطار التي لا اغطية لها، الأمر الذي يعرض حياة المشاة والمركبات لخطر شديدِ
ان وضع اغطية بديلة عن تلك المفقودة هو من صلب مهام وزارة الأشغالِ
ولكن يبدو، ان عملية استبدال المفقود منها، تسير بوتيرة اقل سرعة من فقدانها! وهذا يجعل عدد المناهيل المفتوحة في تزايد مستمر، الأمر الذي دفع الوزارة إلى التفكير في استبدال تلك الاغطية المصنوعة من الحديد باخرى اسمنتية لمنع اختفائها المريب الذي لم تكن الوزارة تعلم شيئا عن خلفيته!
ما لا يعلمه الكثيرون ان هناك عصابات من جنسية محددة ومعروفة تخصصت منذ سنوات في جمع الحديد من المصانع والورش، وفي المناطق الصناعية بالذات، وبيعها لوسطاء الخردة الذين يقومون بدورهم ببيعها إلى شركات متخصصةِ
وقد وجد هؤلاء في اغطية مناهيل مجاري الأمطار والصرف الصحي، التي يبلغ وزنها 50 كيلو غراما، ثروة صغيرة تساوي تعب يوم كامل، ولهذا بدأت تلك الأغطية بالاختفاء تدريجيا، وظهور عصي خشبية عليها اطار او قطعة قماش مكانها لتمنع المارة والمركبات من السقوط المدمر في فتحاتها!
ولوقوع مكاتبي في الري وبسبب اختفاء سبعة أغطية مناهيل في شارعنا، بدأت بمبادرة شخصية 'بوليسية' لمعرفة السبب وتطلب الأمر مني سؤال أكثر من طرف وزيارة المنطقة في ساعات متأخرة من الليل، فاكتشفت، ويا للهول، بأن مقيما آسيويا ومن جنسية كثيرة المشاكل، يحاول العبث بأحد تلك الأغطية، وعند تتبعي له وجدته يختفي في مخزن للحديد الخردة في المنطقة نفسهاِ
قمت في صباح اليوم التالي بإعلام كبار مسؤولي وزارة الأشغال بالأمر فتجاوبوا معي بشكل سريع وفعال، الأمر الذي أدى في النهاية إلى نتائج ايجابية لم أكن أتوقع حدوثها بتلك السرعة لولا ذلك الاهتمام من وكيل الوزارة (الكليب) والوكيل المساعد (الدخيل)ِ
إن تجربتي المتواضعة هذه يجب أن تكون مثالا متواضعا لما بإمكان المواطن العادي القيام به، من أجل المحافظة على ممتلكات الدولة العامة عن طريق إعلام المعنيين بالأمر، وملاحقتهم بالسؤال المستمر إن تطلب الأمر ذلكِ
إن نجاح مواطن عادي في وقف عمليات سرقة 'محيرة' ربما تكون الملليمتر الأول في رحلة الألف ميل لكشف بقية السرقات 'غير المحيرة' في الدولة!

الارشيف

Back to Top