محطة فضائية قبطية

سمحت السلطات المصرية، وبعد تأخر وتلكؤ دام أكثر من ثلاثين عاما، للكنيسة القبطية المسيحية في مصر بفتح محطة تلفزيون فضائية خاصة بها! وهذا لم يكن ليحدث لولا الضغط الأميركي الطاغي، على حكومات مصر وبقية دول المنطقة، لدفعهم دفعا للانفتاح على الآخر من جهة وللسماح للأقليات المهمشة والمظلومة في مجتمعاتها الإسلامية، والعربية منها بالذات، بممارسة معتقداتها وطقوسها وسبل حياتها بالطريقة التي تلائمها، والتي تحقق طموحاتها المشروعة التي حرمت منها لعقود، وربما لقرون طويلة.
وعلى الرغم من حضارية القرار، أو الفكرة، وتقدميته، والتي ربما تكون الأولى منذ ان دكت السنابك المباركة لخيل جند الإسلام أرض الكنانة قبل 14 قرنا، وبالرغم من حاجة أقباط مصر لوسيلة إعلامية قوية كالقناة الفضائية التي سيمكنهم عن طريقها نشر أفكارهم وتوسيع رقعة تواصل الكنيسة القبطية مع أتباعها داخل مصر وخارجها، فإن خطوة كهذه لا يمكن تجنب تأثيراتها السلبية في أطراف المجتمع الأخرى من مسلمين أو مسيحيين تابعين لكنائس أخرى غير قبطيةِ فمن المتوقع ان يطالب هؤلاء كذلك بقنوات دينية مماثلة خاصة بهم، وهذا سيوسع من رقعة الخلاف الطائفي وينقله من منابر دور العبادة وصفحات المجلات والصحف إلى منابر المحطات التلفزيونية الفضائية الرحبة التي بامكانها استيعاب، وتأجيج مشاعر ملايين البشر الجهلة منهم والمتطرفون، وما أكثرهم في مجتمعاتنا! ان الحل الأمثل لا يمكن ان يتمثل في اعطاء كل طرف محطة فضائية دينية خاصة به، تحقيقا لمبدأ المساواة بين فئات الشعب، فإن هذا يشبه صب الزيت على النارِ فمحيط التخلف والتعصب الديني الذي نعيش فيه يحتاج الى قواعد علمانية واضحة بحيث يمنع إنشاء قنوات فضائية تلفزيونية دينية تحت أي ذريعة كانت! فالدعوات الدينية مكانها منابر دور العبادة وليس منابر المحطات الفضائية.
***
ملاحظة:
نبارك اختيار وزير التجارة للسيد يوسف البحر مديرا عاما للهيئة العامة للصناعة، لقد تأخرت كثيرا ترقية هذا الرجل النزيه، ولكن ان يأتي التقدير وتأتي الترقية متأخرة خير من ان لا تأتي أبدا.

الارشيف

Back to Top