اول رسالة الى النائب الاول (1/3)

قامت 'القبس'، وفي سابقة نادرة، بوضع صورة في الصفحة الاولى من عدد 28/10 تبين ازدحام حركة المرور في الاول من رمضان مع التعليق التالي: 'ِِ نقول لرجال الشرطة مبروك عليكم الشهرِِ وعسى ان نراكم في الشارع، وبالمناسبة فان الكويت هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم نعد نرى شرطي مرور في شوارعها'!
هذا التعليق صحيح ودقيق الى درجة كبيرة، والتركيز على المشكلة من خلال الصفحة الاولى يبين مدى ما بلغه وضع المرور من تخلف واهمال، فمئات آلاف ساعات العمل تضيع يوميا في معارك الطريق التي يعيشها قائدو المركبات صباح ومساء كل يوم بسبب غياب الشرطة والدوريات من الطرق، والسريعة منها بالذات، بحيث اصبح استعمال الحارة المخصصة للطوارئ، او كتف الطريق، امرا عاديا، دون ان تتمكن اي جهة من وضع حد لهذه المخالفة التي تتسبب في تعطيل المرور من جهة وفي كسر الكثير من السيارات نتيجة تطاير الحجارة والحصى عليها.
وقد لاحظت شخصيا في الاول من رمضان خلو الطريق الخامس من اي دورية مرور في الصباح، الامر الذي اثار استغرابي فقمت بتغيير اتجاهي الى طريق المطار بحثا عن سيارة شرطة واحدة فلم اجد، فعرجت على الطريق الرابع باتجاه السالمية علني اجد مركبة دورية واحدة فلم يحالفني الحظ، فقررت دخول شارع الاستقلال باتجاه العاصمة فلم اجد دورية واحدة، وهكذا حتى العاشرة والنصف صباحاِ وخالجني بعدها شعور بأن اكثر من نصف عدد سائقي الدوريات كانوا لا يزالون يغطون في نومهم في تلك الساعة المتأخرة من الصباح، ربما بسبب سهرهم على الشيشة في اليوم السابق! ومن المؤكد ان ذلك الغياب لم يكن ليحدث لو كانت ادارة الدوريات العامة 'على قد حالها'!
* * *
قامت وزارة الداخلية قبل سنتين تقريبا بسحب صلاحية الاشراف على دوريات المرور والنجدة من مدير الادارة العامة للمرور، وانشأت لها 'ادارة عامة' جديدةِ وبالرغم من كل اللغط الذي اثير حول القرار، وما قيل عن 'تفصيله' لارضاء ضابط كبير، الا اننا استبشرنا خيرا، حيث اعتقدنا انه سيساهم في رفع مستوى خدمة 'الدوريات'، وهي الاسوأ بين بقية خدمات وزارة الداخليةِ كما اعتقدنا انه سيزيل عن كاهل مدير عام المرور عبء الاشراف عليها، وهذا سيعطيه وقتا اكثر لتحسين خدمات المرور الاخرى! ولكن يبدو اننا 'لا طبنا ولا غدا الشر'!
فقد بقي مستوى الخدمات في الادارة العامة للمرور كما هو، هذا ان لم يكن قد تردى بسبب سحب صلاحية الاشراف على الدوريات منها، وفشلت في الوقت نفسه الادارة الجديدة فشلا ذريعا في مهمتها بعد فصلها ادارة المرور.
* * *
يبلغ عدد سكان الكويت 2.380 مليون نسمة، منهم 800 الف كويتي تقريبا، وينتمي البقية لاكثر من 150 جنسية اخرى، اضافة الى ما يزيد على 100 الف من مخالفي قوانين الاقامةِ وتزيد نسبة غير المتعلمين، والذكور بالذات، بين غير الكويتيين بشكل كبير، مما يعني زيادة مشاكل هذه الفئةِ تتولى الادارة العامة للدوريات مهمة تلبية نداءات كل هذا الخليط العجيب من الجنسيات والتعامل مع افرادها بكل ما تحمله اعدادهم ومستوياتهم التعليمية ومتطلباتهم الجسدية من تعقيدِ وهذا يعني ان دورية شرطة النجدة مطلوب منها تلبية كافة بلاغات السرقة والقتل وحوادث الطرق، واطلاق النار واشعال الحرائق، وفض المشاجرات ومرافقة المواكب، ومراقبة نقاط امنية محددة ومطاردة اللصوص والمجرمين، سواء بالسيارة او راجلين، وتجبير الكسور واعطاء التنفس الصناعي عن طريق الفم (!)ِ كما يتوقع منهم في الوقت نفسه التعامل بطريقة مناسبة مع خليط غريب من الاعراق والجنسيات والديانات من ذكور واناثِ ويحتاج اداء كل واحدة من هذه المهام والواجبات مهارات وخبرات محددة!
ولو قامت جهة ما بمراقبة اداء بعض دوريات النجدة لوجدت ان عدد افرادها الذين يمكن الاعتماد عليهم قليل الى درجة مثيرة للرعب! نقول ذلك بالرغم من مرور ما يقارب نصف القرن على تأسيس ادارة النجدة والدوريات (1957)، التي يمكن القول ان طريقة ادارتها واداء افرادها لم يتطورا بمثل ما تطورت به الكثير من الامور في الفترة نفسها!
وللموضوع بقية.

الارشيف

Back to Top