اللغة العربية للمرة الخ

اثارت المقالات الاربعة الاخيرة التي كتبناها عن اللغة العربية شجون عدد من القراء، وكان التأييد الطابع الاعم والاغلب منها، وتركزت ملاحظات البعض منهم على الامور التالية:
اولا: ادى افتقار اللغة العربية، او اي لغة اخرى، للكلمات او المصطلحات الجديدة، خاصة تلك التي يكثر استعمالها في الحياة المعاصرة، الى اضطرار المتحدث فيها او الكاتب عنها للاطالة بهدف الوصول الى المعنى المناسب والدقيق للكلمة، فالى فترة قريبة لم يكن من الممكن مثلا الاكتفاء بذكر كلمة مثل fax دون الاسترسال في الشرح ووصف المعنى المقصود.
كما ان كلمات مثل desk drive , أو compact desk, floppy desk لا تزال تستعمل كما هي دون ترجمة وما نراه من ترجمات لها لا تتعدى ان تكون اجتهادات فردية قابلة للاختلاف من مجتمع لاخر، دع عنك من دولة عربية الى اخرىِ كما ان قبول هذه الترجمات بشكلها الحالي اخذ وقتا طويلا، وعلى الرغم من اهميتها وتكرار استعمالها عشرات المرات في اليوم والمكان الواحد، الا ان مجمعا لغويا واحدا لم يكلف نفسه حتى الان بوضع ترجمة لها، ربما لشعور معظمها بان الاهمال سيكون من نصيب ما ستقوم به من جهد.
ثانيا: تقوم غالبية المتحدثين باللغة الانكليزية مثلا، ومن المتعلمين بشكل خاص، بكتابة لغتهم بطريقة قريبة من الطريقة التي يتحدثون بهاِ كما يقوم الناطقون بالانكليزية من غير اهلها بكتابة هذه اللغة بالطريقة نفسها التي يتحدثون بها ايضا وبدون اختلافات كبيرةِ وربما يعود سبب ذلك الى قلة اللهجات المحلية وانعدام الامية بين المتحدثين بها من الانكليز والاميركيينِ ومواطني نيوزيلندا واستراليا وغيرهمِ ونرى عكس ذلك عندنا، حيث عادة ما تختلف لهجاتنا المحلية وطريقة كلامنا عن طريقة كتابتنا بصورة شبه تامة، وربما يفسر هذا نفور الكثيرين من الكتابة وميلهم الى الحوار الشفهيِ كما ان البون الشاسع بين لهجاتنا وطريقة كتابة لغتنا، واختلاف تفسير الكثير من الكلمات بين منطقة واخرى، تجعل الكثير من المشاركين في البرامج الحوارية مثلا دائمي البحث عن الكلمات الفصيحة التي يمكن ان تعطي المعنى المناسب للكلمات العامية التي عادة ما تدور في اذهانهم.
ثالثا: ان ادخال الحروف الجديدة والضرورية لتطوير اللغة العربية وجعلها اكثر تماشيا مع العصر سوف لن يؤثر بأي حال من الاحوال في طريقة فهمنا لكتبنا المقدسة، ان لم يكن العكس هو الصحيح.
رابعا: من المعروف ايضا ان الترتيب الحالي للحروف العربية لم يكن كذلك منذ البداية فحروف العربية او الابجدية، نسبة الى 'أ ب ج د'، كان ترتيبها كالتالي: أ ب ج د ه وز ح ط ي ك ل م ن س ع ص ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ (!!) وهذا الترتيب يختلف بصورة جذرية عن الترتيب السائد حاليا، والذي ربما لا يعرف احد مصدره، والامر نفسه ينطبق على الترتيب السابق، وهذا يعني اننا لا نعاني فقط من التخلف العلمي والطبي والاقتصاديِِ الخ، بل نشكو ايضا مر الشكوى من تخلفنا التام في معرفة تاريخ الامر الوحيد الذي كانت لنا فيه يوما ريادة ما.
والغريب ان الترتيب القديم للحروف، الذي تم الاستغناء عنه في التدريس، تشبه بداياته ترتيب الحروف في الكثير من اللغات الحية الاخرى مثل abcd.
وقد استعملت حروف الابجدية عند البعض في الحساب والترقيم حيث كان لكل حرف قيمة حسابية فحرف أ=1، وحرف ب=2 وهكذا حسب الجدول التالي:
ولا اعتقد ان لهذا الامر قيمة مادية في وقتنا الحاضر، ولكن يمكن ان تكون له استعمالات معينة في ميدان تجسس الدول العربية على بعضها البعض!
ومن الملاحظ اننا عندما نرغب في ترميز فقرات بحث او مقال ما بحروف بدلا من ارقام فإننا نتبع طريقة الترتيب القديمة، أي: أ ب ج دِِ وهكذا وليس طريقة الترتيب الحديثة.
وربما لا يزال البعض من كبار السن منا يتذكر مطلع اغنية 'شادية' التي كانت تقول فيها:
أبجد هوز حطي كلمن شكل الاستاذ بقى منسجم (منسجمن)!!

الارشيف

Back to Top