اتحاد أم انفصال؟

قامت فكرة إنشاء اتحاد للجمعيات الاستهلاكية في أواخر الستينات من القرن الماضي، وكان هدف إنشائه توفير 'بعض السلع الضرورية والأساسية' التي كان يتحكم في أسعارها بعض تجار المواد الغذائيةِ كما كان من أهداف انشاء الاتحاد تنسيق العمل بين مختلف الجمعيات، ووضع ضوابط لأسعار السلع مع الاتفاق على آلية لزيادة الاسعار وتوحيدها في كافة التعاونيات.
تطور عمل الاتحاد منذ ذلك التاريخ وأصبح بعبعا كبيرا ينافس في عمله الكثير من الموردين بسبب حجم المواد الغذائية والاستهلاكية التي يقوم باستيرادها، سواء بصورة مباشرة أو عن طريق الوكيل المحلي، ولكن لحسابه الخاص، أو بسبب تعدد المواد التي أصبح يتعامل بها، والتي وصل عددها إلى المئات، مثل محارم الورق غير الضرورية، أو الاستراتيجية!ِ بعد ربع قرن تقريبا من تأسيسه تحول هدف الاتحاد، ووظيفة الجمعيات التعاونية بشكل عام، من منسق أعمال ومراقب للأسعار وداعم للحركة التعاونية الى أداة لقضاء مصالح رؤساء وأعضاء مجالس ادارات هذه المؤسسات التي تحولت غالبيتها، وأحيانا كثيرة بفضل جهود الاحزاب الدينية المسيسة، الى مراكز ضغط سياسية هائلة القوة والنفوذِ كما أصبحت أداة للإثراء المادي والسياسي، ووسيلة وصول الى مراكز أهم وأكثر نفوذاِِ وفي خضم كل ذلك ضاعت الفكرة أو الهدف الاساسي الذي أنشئت الجمعيات من أجل تحقيقه، بعد ان اصبحت الخدمة التي تقدمها المؤسسات الاستهلاكية غير التعاونية أكثر تميزا، وأسعارها اقل، بالرغم مما دفعته هذه من قيمة عالية للأرض والمنشآت، مقارنة بأراضي ومباني الجمعيات التعاونية المقدمة مجانا من الدولة، وكل ذلك بسبب انعدام الفساد تقريبا في المؤسسات الخاصة مقارنة بالجمعيات التعاونية الاستهلاكية.
من الواضح ان ما يقدم في الجمعيات من خدمة لا علاقة له بالتعاون، كما ان اسعار مختلف المواد وطريقة عرضها لا تعتبر تنافسيةِ وما يجعل الأمور تبدو سيئة حقا الوسائل 'الخسيسة' التي تتبعها بعض الجمعيات التعاونية في ابتزاز المتعاملين معها من الموردين، وما يقوم به مسؤولو وعمال بعض الاسواق المركزية من تلاعب في أماكن عرض المواد، واخفاء مواد التاجر 'البخيل' الذي لا يدفع رشوة مالية في أماكن غير مرئية او على الأرفف العالية جدا او السفلية بعيدا عن أعين الزبائنِ وعليه، نطالب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بتشكيل لجنة لوضع دراسة ميدانية تشمل مثلا مائة سلعة وخدمة أساسية تقوم الجمعيات التعاونية بتوفيرها ومقارنتها بما تقدمه المؤسسات والأسواق المركزية الخاصة لمعرفة حقيقة ما يشاع عن ان اسعار الجمعيات وخدماتها هي الافضل، وستكون النتيجة صدمة للكثيرين.
ملاحظة: لحيادية عمل اللجنة نرجو ان لا تكون برئاسة وكيل الوزارة المساعد لشؤون التعاون.

الارشيف

Back to Top