العفريت والدخان

إذا كان للشعر شيطان، كما يقال، فلابد أن يكون للكتابة عفريت!! وقد غادرني هذا العفريت لفترة تقارب الشهر لم أقترب فيها من قلم أو ورقة، ولم تراود ذهني فكرة واحدة، وربما يكون مرجع ذلك بعدي عن الأحداث من جهة بسبب السفر وانشغالي بالحالة الصحية لشريكة دربي!
ويبدو ان ذلك العفريت قد قرر العودة الى نشاطه السابق، حيث اصبح يدق باب ذهني ويشعل فكري وينبهني الى كل شاردة وواردة، ويطلب مني الكتابة عنها، فأصبحت في الايام الاخيرة اسرح بأفكاري وأنا أقوم بحلاقة ذقني، وشاربي، او عندما اسمع رأيا في أمر ما أو ملاحظة عن وضع معين، حيث اجد نفسي، وبدون شعور، أدون بعض الكلمات على محرمة او ورقة منزوعة من علبة سجائر، وهذه الكلمة الأخيرة هي التي أوحت بفكرة مقالنا هذا!
تعتبر بريطانيا المنتج الأكبر، بعد الولايات المتحدة، للسجائر المعروفة على مستوى العالمِ وبالرغم مما تجنيه الخزينة البريطانية من دخل عال من مبيعات السجائر، وبالرغم من الحقيقة المعروفة أن أي زيادة في سعر علبة السجائر بسبب الضرائب تعني استهلاكا أقل لها، مما يعني فقد البعض لوظائفهم في تلك الصناعة الضخمة، الا ان الحكومات البريطانية المتعاقبة لم تتوان يوما، ومنذ اكتشاف ما تمثله السجائر من خطر على الصحة، عن حث مواطنيها على التقليل، او الامتناع كليا عن التدخين، سواء عن طريق وضع القيود على الأماكن المسموح التدخين فيها او بفرض ضرائب ورسوم اكبر عليها بحيث وصل سعر علبة السجائر في لندن الى خمسة جنيهات، أي أكثر من دينارين ونصف الدينار! ولم يحدث ذلك جزافا بل بوعي وإدراك تامين من الحكومة البريطانية بأهمية المحافظة على صحة مواطنيها، وبضغط كبير من جمعيات مكافحة التدخين وأمراض السرطان!
ولو نظرنا الى وضعنا في الكويت، ونحن دولة لا تصنع شيئا أصلا، وتستورد كل شيء من الخارج، عدا النفط وبعض النعال النجدية، لوجدنا العجب.
فأعضاء مجلس أمتنا، السابق، اصدروا قانون منع التدخين وهم على ثقة بأن لا احد سيقوم بالمحافظة عليهِ ووزير داخليتنا السابق لم يكن تطبيق قانون منع التدخين ضمن اهتماماته أصلا، ولا اعتقد أنه سيكون من ضمن اهتمامات الوزير الحاليِ اما الوزير المعني بالمحافظة على صحتنا، فلا أعتقد ان وقته في الوزارة السابقة، او الحالية سمح او سيسمح له بالاهتمام بموضوع مكافحة التدخين بسبب انشغاله بمواضيع ربط المعدة والدروع وقص الاشرطةِ وبذلك لا يتبقى لنا غير جمعية مكافحة التدخين التي 'كوش' عليها منذ تاريخ تأسيسها قبل ربع قرن وزير صحة سابق كان ولايزال متخما بادارة والمشاركة في ادارة عدد من المؤسسات والجمعيات واللجان، بحيث ان وقته بالكاد يسمح له بالقيام بالضروري من واجباته الاجتماعية العديدة.
وعليه فان جهة أو أكثر، سواء من التي ورد ذكرها في هذا المقال، او غيرها، مطالبة بالتحرك والتقليل من ظاهرة التدخين التي اصبحت تحرق رئات وقلوب وجيوب الكثيرين، سواء من المدخنين او من افراد عائلاتهم واصحابهمِ وقد تكون لنا عبرة في مصاب السيد عمر محمود مع السيد خالد خوري!

الارشيف

Back to Top