قصة أم عبدالزهرة

تعاني 'أم عبدالزهرة' منذ فترة من آلام حادة في أسفل البطنِ وقد قامت باستعمال كافة المراهم والأدوية الشعبية التي أوصتها بها جاراتها، ولكن دون جدوىِ فقد استمرت الآلام وازدادت معاناتها مما انعكس على حياة زوجها وقلب حياة أطفالها وأسرتها الى جحيم، مما أجبر زوجها، الحاج عثمان، أبو الراس الحار، على الاقدام على ما لا يتفق مع قناعاته وتقاليده العشائرية والموافقة على عرضها على طبيبة المركز الصحي.
وصفت لها هذه بعض الأدوية ولكن ذلك لم يخفف من معاناتها، وطلبت منه عرضها على طبيب المدينة، ولكن ابو عبدالزهرة رفض ذلك بإباء وشمم، فكيف يمكن لرجل أجنبي عنه الكشف على زوجته؟ ولكن نحيب زوجته المستمر وشدة الآلام التي اصبحت تنتاب شريكة حياته التي يحبها ويغار عليها كثيرا، أجبرته في نهاية الأمر على زيارة طبيب خاص اشترط عليه لبس نظارة سوداء عند قيامه بفحصها فقبل الطبيب ذلك بالرغم من عدم اقتناعه بالأمر، ووصف لها أدوية أخرى وهذه لم تنفع معها ايضا، مما دفعه الى السؤال هنا وهناك فقيل له إن هناك طبيبا مشهورا لديه علاج ناجع لزوجته حتما، ولكن مشكلته انه رجل أولا وغير مسلم ثانيا ويمارس عمله خارج وطن الحاج عثمان.
بعد تردد طويل وتفكير أطول، وبعد لف وتدخين أكثر من مائة سيجارة 'غازي' وشرب 'سبعطعش' استكانة شاي، قرر الحاج عثمان تقديم عرض سخي لذلك الطبيب ودعوته لزيارة بلده والقيام بفحص زوجته تحت اشرافه التام، بدلا من السفر له الى هناكِ وافق الطبيب الاجنبي على العرض شريطة ترك المجال له لكي يقوم بعلاج الزوجة بالطريقة التي يراها مناسبة، وافق الحاج عثمان على ذلك الشرط بعد تردد شديد، وحضر الطبيب واستقبل ببرود وشك من قبل عائلة الحاج عثمان، ولكنه استطاع خلال فترة قصيرة القضاء على الآلام الشديدة التي كانت تشكو منها 'أم عبدالزهرة'، ولكنه قال إن الامر يتطلب بقاءه لفترة للاشراف على العلاج حيث ان ترك الأمر على ذلك الوضع قد يعرضها لانتكاسة خطيرة.
ولكن شكوك ابو عبدالزهرة في تصرفات ذلك الطبيب بدأت منذ اليوم الأول لوصولهِ وبالرغم من انه نجح في القضاء على آلامها وعرف حقيقة مرضها، وكان صادقا في تشخيص علاجها الا أنه لم يتردد والبعض من ابنائه من إبداء امتعاضهم لاستمرار وجوده بينهم، وهو الأجنبي عنهم لغة ودينا وعادات وتقاليد، ولكن ما الحل وهو الوحيد في العالم الذي استطاع أن يخفف آلام أم عبدالزهرة ويبعد عنها فكرة الموت بعد ان حاولت اكثر من مرة التخلص من حياتها بسبب شدة الآلام التي كانت تنتابها؟
وهنا وجد الجميع أنفسهم في وضع غيرمريح:
فالطبيب الأجنبي لا يود المكوث في بيت الحاج عثمان لأكثر مما هو مطلوب، حيث ان عيادته ومرضاه الآخرين بأمس الحاجة لهِ ولكنه يعلم بأن بقاءه أكثر من ضروري في الوقت الحالي على الأقلِ وان عليه، حفاظا على حياة أم عبدالزهرة، وعلى سمعته، الاستمرار في تقديم العلاج لها، وأبو عبدالزهرة يعرف أن الهدف الذي جاء الطبيب من أجله قد تحقق وأن عليه المغادرة بعد أن زال الخطر عن زوجته، ولكنه غير مطمئن لقراره.
اما الابناء فهم بين معارض ومؤيد لبقاء الطبيب، والجدل محتدم بينهم بصفة مستمرة، ويكاد أن يتسبب في وقوع معركة دموية بينهم.
وحدها أم عبدالزهرة تعرف أن ذلك الطبيب الاجنبي هو الوحيد الذي استطاع، ليس فقط تخفيف آلامها ومعاناتها وعذابها المستمر وغير المحتمل، بل استطاع إنقاذها من موت محقق وبطيء، وأن عليه البقاء الى ان تتعافى تماما من مرضها، ولكن صوتها الخافت والضعيف بالكاد يسمع وسط ضجيج الزوج والابناء والأحفاد وجدالهم اليومي والمستمر حول بقاء الطبيب أو مغادرته.

ملاحظة (1):
أم عبدالزهرة: العراق ـ أبو عبد الزهرة والأولاد: المعارضة العراقية وبقية قيادات الداخل ـ الطبيبة والاطباء المحليون: محاولات الانقلاب العسكري على نظام صدام ـ الطبيب الاجنبي: أميركا ـ الآلام: معاناة الشعب العراقي تحت حكم صدام ـ عنوان عيادة الطبيب الأجنبي: الكويت!

ملاحظة (2):
اختلف مع المطالبين باستقالة رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية للأسرىِ ولا أوافق على وقف، او تجميد أعمالهاِ ولا أدعو، مع الداعين، الى حل وتصفية أعمال مكتبها، ولا إلى قيامها بوقف التصرف بما تحت يديها من أموال سائلة طائلة وردها لخزينة الدولةِ بل كل ما نطالب به هو استقالة أحد مسؤولي اللجنة، واحد فقط لا غير، وليكن زيد أو عبيد، لكي نبين للعالم درجة تحضرنا.
فهل يفعلها بطل في هذه اللجنة؟

الارشيف

Back to Top