حطب الموانئ

انفجر خلاف حاد بين الهيئة العامة للزراعة من جهة واتحاد المزارعين من جهة اخرى بسبب عزم الاولى اقفال الشبرة رقم 4 في سوق الخضار والفواكهِ حاولت 'جيوش' المزارعين والمنتجين منع انزال الشباك الحديدية من مركبات الهيئة واغلاق الشبرة، مستندين الى ان الهيئة لم تشعرهم رسميا بقرار الاغلاقِ وأصر كبار مسؤولي الهيئة على تنفيذ الامر، وأدى اصرار كل طرف على التمسك برأيه الى حدوث تلاسن وشبه تشابك بالايدي لولا وجود قوة كبيرة من رجال الامن بقيادة العميد الدوسري الذي ادى وجوده الى منع وقوع معركة بين رجال الهيئة العامة للزراعة التي يرأسها الشيخ فهد سالم العلي، وبين اتحاد المنتجين والمزارعين الذي يرأسه الشيخ خالد المالك.
ولكن الامر انتهى بصورة مؤقتة بتدخل النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء، والذي يبدو انه اصبح اطفائي الدولة الوحيد، حيث اقتراح تحويل الامر الى القضاء، وهكذا تقرر سحب سيارات الهيئة المحملة بالشباك والحديد، وحجز باقي السيارات الخاصة بموظفي الهيئة في سوق الخضار تحت حراسة عدد من عمال الهيئة ودورية من مديرية امن العاصمة.
وهكذا نرى ان خلافا في الامزجة والرغبات وعلى مصالح مالية محددة تتعلق بعدد من المواطنين، سبق ان شغل البلاد لفترة طويلة، ووصل الى ذروته في الايام القليلة الماضية، تطلب تدخل جيش من كبار رجال الامنِ كما تدخل وزير الداخلية شخصيا في الموضوع طالبا من وكيله تكليف كفاءة عسكرية كبيرة لضبط الامن في ذلك التصادم الذي كانت 'الدولة' تتوقع حدوثهِ كما تطلب الامر كذلك تدخل وزير الاعلام ووزير النفط بالوكالة، الذي قام بالاتصال برئيس اتحاد المزارعين ليتعهد له بانهاء الموضوع وابقاء الحال على ما هي عليه في الشبرة رقم 4، واخيرا تدخل السيد النائب الاول ليحيل الامر الى القضاء الذي سينشغل بهذه القضية لفترة طويلة قادمة.
وهكذا 'طاح الحطب'، يوم الخميس الماضي، وانتهى الخلاف مؤقتا بين الاتحاد والهيئة، بعد ان غادرت سيارات كبار موظفي الهيئة المحجوزة منطقة سوق الخضار وسط تصفيق وصفير العمال.
يحدث هذا في موضوع الشبرة رقم 4 والذي استنفر نصف قوى الدولة والمجتمع لحله وحلحلته، اما في الجانب الآخر فاننا نرى سكوتا تاما عن موضوع الوضع المزري والمخيف الذي تعيشه موانئ الكويت، والتي يشكل وضعها الحالي خطرا على ارواح الكثيرين وتهديدا مباشرا لكامل اقتصاد الدولة.
فوزير المواصلات، المعني مباشرة بالامر، لا يود التدخل في موضوع الموانئ لكي لا يجد نفسه في وضع مشابه لوضع الشبرة رقم 4، خاصة ان هاجس حريق المطار وذيول الاستقالات لم تنته بعدِ ومجلس الوزراء لا يرغب كذلك بالتدخل في الامر طالما لم يقم الوزير المعني باثارة الامر في المجلس، علما بان عددا من الوزراء على دراية تامة بوضع الموانئ المزريِ كما ان اعضاء مجلس الامة مشغولون في غالبيتهم بعلاوة الاولاد، ولا وقت لديهم لمشاكل الاقتصاد والتنمية والموانئ، فهذه كلمات غير واردة في مفردات عدد كبير من الاعضاء المحترمينِ اما لجان المجلس فان اغلبها لا يجتمع لمناقشة 'التافه' من الامور، كوضع الموانئ والحالة المؤسفة التي تبدو عليها رئة الدولة بشهادة الاميركيين.
علما بان وزارة الداخلية سبق ان خاطبت المؤسسة العامة للموانئ في العام الماضي، وبكتاب رسمي، تطلب منها سرعة وضع برج مراقبة ميناء الشعيبة تحت العمل بطاقته الكاملة مع توسعته وتركيب رادار جديد فيه حيث ان الرادار الحالي 'لا يعمل'، الامر الذي ادى الى اعتماد موظفي البرج على العين المجردة في تحديد اي هدف في حدود المنشآت النفطية، وبالذات في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها الكويت.
عندما كتبنا اول مقال لنا عن الموانئ لم نكن نعلم حقا حجم الخراب والتسيب فيها، وكنا نعتقد ان وضعها لا يختلف عن وضع اي مؤسسة حكومية اخرى، ولكن يبدو ان 'الموانئ' ستجرنا الى الكتابة عنها، وعن 'المافيات' التي تمتص دماءها لمرات عديدة قادمة.

الارشيف

Back to Top