الحل الوسط

نشر أحد الأصدقاء قبل سنوات اعلانا في عدد من الصحف اليومية، وبحجم صفحة كاملة وبالألوان والصور، بشر فيه المواطنين بنبأ التوقيع على اتفاقية، من نوع ما، بين الشركة التي يمثلها وبين أحد الملحقين في السفارة الاميركية في الكويت للتعاون على بناء وإدارة مستشفى اميركي جديدِ وذكر في الاعلان أنه سيتم اطلاق أسماء عدد من الأطباء والممرضات الاميركيات، الذين سبق ان عملوا في المستشفى الاميركي في الكويت مع بداية القرن الماضي، على عدد من اجنحة المستشفى الجديد تخليدا لذكراهم.
قامت مجلة 'المجتمع'، لسان حال حزب الاخوان المسلمين في الكويت، بالاتصال بصاحب الاعلان والطلب منه باصرار شديد نشر الاعلان نفسه على صفحاتهاِ وما ان وافق صاحبنا على الطلب، على مضض، حتى قامت الجريدة بالفعل بارسال 'بروفة' عن الاعلان الذي ستقوم بنشره وذلك للحصول على موافقته عليه، ففوجئ بأن المجلة قد قامت بعمل رتوش على صور الممرضات الاميركيات بحيث تمت تغطية رؤوسهن بما يشبه الحجاب! وعندما استفسر عن الأمر أعلموه بأن سياسة المجلة 'المحافظة جدا' لا تسمح بنشر صور لسيدات بدون حجاب! ولإثبات صدق كلامهم قاموا بإبراز ملف ضم عشرات الصور التي سبق ان نشرت في مجلة 'المجتمع'، ومنها صور لتظاهرات وتجمعات نسائية في اوروبا واميركا، تمت فيها جميعا تغطية رؤوس السيدات والفتيات، وحتى الصغيرات منهن، بما يشبه الحجاب!
فرد عليهم صديقنا، صاحب المستشفى، بان الصور الخاصة باعلانه والتي اعتبرتها المجلة 'عارية' لتلك الممرضات سبق ان نشرت في كافة الصحف اليومية، وهي صور لسيدات كبيرات في السن توفين قبل عشرات السنين عندما لم تكن الكويت تعرف التطرف الديني الذي نعاني منه الآنِ ولكن مندوب المجلة أصر على رأيه وقام بالاتصال بكبيرهم ليقوم باستعمال وسائله الخاصة لإقناع صاحبنا بالأمر، ولكن هذا رفض الفكرةِ بعد أخذ ورد تم التوصل لحل 'مرحلي' وسط بحيث تم نشر الاعلان بصور الأطباء الذكور ولكن تمت إزالة صور الممرضات منه وتم الاكتفاء بذكر أسمائهن تحت مربعات خالية!
* * *
تذكرت هذه القصة بمناسبة آخر مطالبات النائب السلفي وليد الطبطبائي التي تعلقت بطلب التوقف عن بث او نقل المباريات 'البارعة' التي ينقلها تلفزيون دولة الكويت وضواحيها من سدني والتي تظهر فيها بعض الأفخاذ او الصدور العارية! حيث نقترح، كحل وسط، نتجنب فيه غضب النائب، ولا نحرم في الوقت نفسه مشاهدي تلفزيون الكويت من متابعة كافة مباريات الدورة، وذلك بتكليف احدى شركات برامج الكمبيوتر بعمل برنامج خاص يتمتع بحساسية جنسية عالية بحيث يقوم، وبطريقة اوتوماتيكية، وفور ظهور اية اجزاء عارية من جسد رجل او امرأة سواء من لاعبات الدورة او اي فيلم اجنبي بتغطية تلك الاجزاء باللون الأسود، كما تفعل رقابة المطبوعات بوزارة الاعلام في صور مجلات الخياطة!
وفي الخاتمة نقول ان 'الشرهة' او الحق ليس على هذا النائب، او ذلك الملا، او تلك الجهة، فمن حق اي كان ان يقول ما يريدِِ ولكن الحق كل الحق على من يرد على هؤلاء ويخاف منهم ويرتعد من تهديداتهم، فيا أيها الكرسي الرسمي ما أمتع لحظات الجلوس عليك!.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top