عذر أقبح من ذنب

أخذتني رحلة 'حجة وحاجة'، أي عمل وراحة، الى بعض من دول شرق آسياِ واعجبت كثيرا بماليزيا بصورة خاصة والتي تكفلت ناقلتها الجوية الوطنية بحملنا وأمتعتنا من بلد الى آخرِ اكتشفنا في تلك الدولة الجميلة والنظيفة ما يعنيه أن تكون لديك ادارة واعية وقانون مطبق وواضح، وكيف ان المال الكثير لا يعني شيئا ان لم يدعمه وعي وعقل راجحِ فالطائرة الماليزية جميلة ونظيفة وتمتاز بخدمة عالية وذات مقاعد رحبة ووثيرةِ والمطار جميل ومتسع وبامكانه استقبال أكثر من 30 مليون شخص سنوياِ والشوارع نظيفة والخضرة في كل مكان ورائحة النظافة تشمها وتلحظها في كل زاويةِ لا تمتلك ماليزيا بسلاطينها التسعة ورئيس وزرائها المخضرم ثروات طبيعية هائلة غير مجموعة من الغابات الخضراء وبالرغم من ذلك حول شعب تلك الدولة، والاقلية الصينية منهم بالذات، وقبل كل ذلك حكومتهم الرشيدة، بحق وحقيق، التجربة الاقتصادية والتنموية في تلك الدولة الى مثل يحتذى ويدرس في مختلفة جامعات العالمِ كما اصبح سوق الأوراق المالية فيها في يوم ما من أقوى أسواق آسيا بالرغم من صغر حجم وعدد سكان تلك الدولة الذين لا يتجاوز عددهم 23 مليونا، متجاوزة في القوة المالية الهند والصين وطبعا ايران وباكستان وأندونيسيا وعشرات الدول الآسيوية الأخرىِ ان زيارة مثل هذه الدولة، بمنتجعاتها الصحية الراقية وفنادقها الفخمة وجبالها الباردة، في وسط 'رطوبة' آسيا، ومتاحفها التاريخية والتمتع بسلسلة المطاعم العالمية التي تمتاز بها، متعة ما بعدها متعة ولا ينغصها الا ما نصاب به من شرود أحيانا ونحن نقارن حالنا بحالهم، حيث نمتلك النفط ومختلف المعادن الصلبة الأخرى والذهب والأرض والفضاء والبحار المتعددة والأنهار الطويلة والقصيرة والسواحل والجبال والثلوج والغابات الغنية والثقافات المتنوعة ودرجات الحرارة المتفاوتة والسهول الغنية وأكثر من 270 مليونا من البشر، وبالرغم من ذلك لانزال، في مجموعنا، من أكثر دول العالم تخلفا وتشرذما وبؤسا وهوانا وفقرا وانتهاكا لحقوق الانسانِ ومن الظلم أن ندعي ان العديد من دول أميركا الجنوبية أو افريقيا هم أكثر فقرا وتخلفا منا حيث ان لهذه الدول أعذارها فلم تكن يوما مهدا للديانات ولم تحتضن يوما اقدم الحضارات، ودرجات الحرارة والرطوبة فيها غالباما تصل الى السماواتِ فاذا كان هذا عذرهمِِ فما هو يا ترى عذرنا؟ وإن وجد العذر فأعتقد أنه سيكون أقبح من الذنب نفسه.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top