إلى متى السكوت؟

أثار الاعتداء الذي تعرضت له طالبة المعاهد التجارية استنكارا اعلاميا وسياسيا واسعاِ فقد صرح السيد عبدالله العلي المطوع بالقول ان الدعوة للدين تكون بالموعظة الحسنة وليس بالضربِ وصرح النائب محمد البصيري بأن الاسلاميين في الكويت لم يعهد عنهم تطرف أو ارهابِ واستنكر خالد المذكور الاعتداء وقال انه لا يجوز شرعا! كما صرح جاسم مهلهل ل'الوطن' بالقول انه لا يمكن لعاقل أن يصدق أن كل هذا حدث لفتاة لمجرد أنها غير محجبةِ وشكك النائب التقدمي احمد الدعيج في صحة الحادث برمته، ولكن وصفه بالمقززِ أما النائب العدوة فشكك هو الآخر في صحة الخبر فقط لأنه غريب عن مجتمعنا، ووصف النائب الطبطبائي الحادث بأنه جريمة هي الأولى من نوعهاِ أما ناظم المسباح فقد كان صريحا ومنسجما مع نفسه ولم يحاول أن يلف ويدور مثل بقية زملائه من رجال الدين أو السياسيين حيث طالب أولياء الأمور بابعاد بناتهم عن التبرج وفرض 'الحشمة' عليهن.
وهكذا نرى أن الجميع قد شارك في استنكار الحادث ومهاجمته في اللحظة نفسها التي نسوا فيها جميعا، وفي غمضة عين، آلاف الخطب النارية التي قاموا بالقائها أو المشاركة في كتابتها أو الموافقة على مضامينها والتي أججوا فيها قلوب الشباب ودعوهم في كل كلمة فيها الى التطرف بطريقة أو بأخرىِ كما تناسى الجميع أدوارهم في بث الحماس في نفوس الشباب الفارغ والمتعطش لتشرب أي فكر متخلف لقضايا 'تغيير' المجتمع، ولو عن طريق القوةِ ولم يحاول أحد من هؤلاء السادة أن يتذكر مئات المعسكرات التي أقاموها وشاركوا فيها وغسلوا فيها فكر مئات الأطفال المشاركين الذين اصبحوا اليوم شبابا وعلى استعداد لأن يكونوا وقودا لأية حركة تمردِ كما نسوا عشرات المؤتمرات والمنشورات والكتب الصفراء التي روجوها وعشرات آلاف المقالات التي دبجوها سواء في الصحف اليومية او في العشرات من نشراتهم ومجلاتهم الأسبوعية والشهرية.
نتفق مع الشيخ صباح الأحمد في تمنيه أن لا يؤثر مثل هذا الحادث على صورة الكويت ومنعتها وتماسكها الأمني والاجتماعي، ولكننا لا نتفق معه في ما ذكره من أن جميع المجتمعات تعاني من تصرفات فردية تتعارض مع القانونِ فالحادث الذي أمامنا ليس عملية سرقة أو اغتصاب أو حادثة ضرب عادية حتى نطلق عليها وصف تصرف فردي، ولا هو بالحادث الذي نتوقع حدوثه في أي مجتمع أو دولة في العالم، بل هو حادث اعتداء خطير يحمل الكثير من المضامين والتي يعلم الشيخ صباح الأحمد جيدا، وقبل غيره، مدى خطورة تداعياتها وتأثيراتها على الأمن الوطني للبلاد وسلامة نسيجه الاجتماعي الذي بدأ بالتآكل السريع في الفترة الأخيرة.
اننا، وبمنتهى الصراحة، لا نلوم أيا ممن وردت اسماؤهم في الفقرة الأولى من المقال من مسؤولية هذا الحادث الخطير الذي كدر الجميع والذي بين خطورة الوضع المتطرف الذي اصبحت البلاد تنزلق اليه بسرعة هائلة، بل يقع كل اللوم وكامل المسؤولية على عاتق الحكومة التي رعت وربت وحضنت كافة الحركات الاسلامقبلية وساعدتها بالمال والدعم المعنوي والاعلامي ووفرت لاجتماعاتها كل تغطية قانونية وأدبية مطلوبة، وغضت النظر عن كل مخالفاتها وعن العشرات من جمعياتها وفروعها غير القانونية.
ان ما حدث يشكل جريمة بشعة بكل المقاييس ولا يختلف كثيرا عن الجرائم المماثلة التي حدثت في مرحلة ما في تلك الدول التي عانت وتلك التي لاتزال تعاني من أعمال القتل والذبح والاغتيال لأسباب دينية.
ان جميع الكرات الآن في ملعب الحكومة ففي إمكانها الآن، والآن فقط، القضاء على كافة أشكال الارهاب التي تزايدت وتيرتها في الآونة الأخيرةِ وان لم تتحرك سريعا فسيفلت الزمام منها، وقل بعدها السلام على السلم الوطني والاخاء الاجتماعي الى الأبد.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top