إليان غونزالس ومجلس الأمة الكويتي

تعتبر الولايات المتحدة الأميركية، بالرغم من حداثة تاريخها، من أكثر دول العالم تقيدا بمجموعة هائلة من القوانين والنظم والقواعد التي تحكم تعاملات الناس مع بعضهم البعض كأفراد وكمؤسساتِ ويعمل الكونغرس الأميركي بمجلسيه والمجالس التشريعية لكل ولاية من الولايات الخمسين إضافة إلى المجالس البلدية وقوى الشرطة والحرس على إصدار مئات القوانين والتشريعات كل عام ومنذ أكثر من مائتي سنةِ وأكثر تلك القوانين تم سنها ووضعها موضع التنفيذ لكي يتم الاسترشاد بها عند الحاجة.
كما يوجد في الولايات المتحدة، كما هي الحال في أية دولة دستورية، عدد كبير من المحاكم وبمختلف درجات التقاضي والتي تقوم يوميا بإصدار مئات الأحكام في شتى القضايا وتعتبر الكثير من أحكامها غير مسبوقة ولم يسبق للمشرع أن فكر يوما في وجود مثل تلك القضايا والمشاكل ولم يقم بالتالي بالتشريع لها مسبقا.
بالرغم من كل تلك التعقيدات والقوانين والتشريعات إلا أننا نجد أن دولة مثل الولايات المتحدة تغرق، بكافة مؤسساتها في 'شبر مية' وهي تواجه مشكلة الطفل الكوبي 'إيليان كونزالس'، الذي غرقت أمه في البحر وهي تحاول الفرار به من كوبا والذي قام مجموعة من صيادي السمك الأميركيين بإنقاذه من الغرق قبالة سواحل ولاية فلوريدا والذي تطالب السلطات الكوبية بإعادته لوالده ولوطنه كوباِ حيث وجدت كافة السلطات الأميركية نفسها والمجتمع بكافة شرائحه في موقف إنساني وسياسي وقانوني لم تفكر في أكثر أحلامها غرابة في إمكانية حدوثه.
فإذا كانت هذه حال الولايات المتحدة بكل تعقيداتها القانونية وبكل ما لديها من أجهزة تشريعية وقضائية وما سنته على مدى مئات السنين من قواعد ونظم وقوانين فما هي الحال يا ترى معنا؟ ومتى يتفرغ المجلس النيابي لتفعيل اسمه والقيام بمهمته الأساسية ألا وهي التشريع ومتى نتوقف عن ترديد مقولة أن لا حاجة لنا لتشريعات وقوانين وضعية وأن ما لدينا من تراث كاف لسد كل الثغرات وتلبية كافة الحاجات (!!!).
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top