اللي اختشوا ماتو

سمعت خلال العقود الاربعة الاخيرة من عمر الديموقراطية في الكويت، ناقصا فترات الحل القسرية والدستورية، مجموعة من الاقتراحات البرلمانية العجيبة التي من الصعب توقع سماع ما يماثلها في اي برلمان يحترم نفسه في العالمِ وكان آخر تلك الاقتراحات، والتي يصعب تخيل الوضع الذي كان عليه صاحبها يوم ان فكر في تقديمها للمجلس، ذلك الذي تعلق بتجريم، وربما سجن، من يتجرأ ويدخل لمكان مخصص للنساء.
وتخيلت الوضع الذي سيكون عليه هذا النائب لو اضطر، مثلا، لاصطحاب ابنته البالغة من العمر 15 عاما الى مستوصف منطقته السكنية والملاصق لمنزله بعد ان اصيبت بجرح عميق في خاصرتها مما اضطره لحملها الى هناك بنفسه وهي تنزف بغزارة فهل سيدخل بها المستوصف من 'باب' الرجال، كونه رجلا ولا كل الرجال، ويسمح لطبيب ذكر بالكشف عليها؟ ام يغامر ويدخل من 'باب' النساء لان المصابة فتاة ويجب بالتالي ان تكشف عليها طبيبة؟ فان فعل الامر الأول فقد يعرض حياء الفتاة وعفتها للخدش وهذا ما لا يريده لها ولنفسه.
وان فعل الامر الآخر ودخل بها الى الجزء المخصص للنساء فان هذا سيعرضه، بسبب القانون الذي قدمه بنفسه للمجلس وسبق ان وافق عليه، للغرامة المالية وربما الحبس.
اعترف بأنني عاجز عن ايجاد مخرج لهذا الوضع، وربما لدى النائب 'الدولي' الجواب لمثل هذا المأزق.
بالرغم من زيادة عدد مثل هذه الاقتراحات البرلمانية غير القابلة للطبيب والتي يغلب عليها طابع البعد عن الواقع المعاش وعدم قابلية التطبيق، الا ان اقتراح استقطاع خمسة في المائة من رواتب الوافدين العاملين في مؤسسات وشركات الدولة والقطاع الخاص وتخصيص المبلغ لدعم مشروع توفير فرص عمل للمواطنين العاطلين عن العمل هو الاكثر غرابة والاكثر مدعاة للسخرية حتى الان، فكيف نعاقب الوافد او المقيم على امر لا علاقة له به؟
ولماذا نجبر الوافد على المشاركة في حل مشكلة تسبب المواطن نفسه وشاركت الحكومة وشارك النظام التعليمي وشاركت مجموعة من العادات والتقاليد البالية التي طالما تغنى بها بعض السذج في وجودها؟
وكيف نلوم الوافد على ما تربت عليه عقليات اجيال كاملة من احتقار وكراهية للعمل اليدوي وبالتالي عزوف الكثير عن التصدي لشرف اداء مثل هذه الاعمال وكيف يمكن ان نبرر مثل هذا الفعل تحت اي ظرف من الظروف؟
ليس لدي جواب شاف على هذه التساؤلات وربما يكون في رفض اللجنة المالية واعضاء مجلس الامة لمشروع القانون هذا جواب على هذه التساؤلات.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top