من المهد إلى اللحد

لا أعتقد أن هناك من يستطيع أن يتولى مهمة رآسة بلدية الكويت وتسيير أعمالها وترأس مجلسها نصف المنتخب ونصف المعين دون أن يصاب بمجموعة هائلة من السهام والاتهامات والتجريح الشخصي والمهني وربما اللعن والسب في أحيان كثيرة . ولا يعود ذلك إلى شخصية القائم بتلك الوظيفة بمقدار ما يعود إلى طبيعة عمل تلك المؤسسة وغرابة ما تم إناطته بها من أعمال تبدأ مع الإنسان منذ اليوم الذي يولد فيه ، وإلى أن تنتهي صلاحيته ويغادر هذه الحياة إما نسيا منسيا أو مأسوفا عليه لفترة قد تقصر وقد تطول حسب الظروف !!

تتنازع رئيس المجلس البلدي والبلدية مجموعة من القوى . وتحاول كل جهة تجيير نفوذه وقوة توقيعه إلى جهتها من أجل تحقيق مصالحها . وما يجعل مهمته أكثر صعوبة ما يواجهه الرئيس من طلبات يستحيل عليه في أحيان كثيرة رفض تنفيذها بصرف النظر عن مدى عدم واقعيتها !!!
مطلوب من الرئيس البلدي أن يرضى علية القوم ومجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء والسادة الأعضاء المنتخبين والسادة الأعضاء المعينين وكبار مسئولي البلدية والصحافة والأهل والأقارب والأصحاب والأصدقاء والمعارف وبقية المواطنين من أصحاب الطلبات التي لا تنتهي بدءا بترخيص محل إلى مظلة لوقوف السيارات مرورا بإزالة كومة نفايات ومخالفات بناء واستعجال في استخراج ترخيص شركة وإعفاء من غرامة مخالفة في مواد غذائية ...الخ وقد تصل الأمور مستقبلا إلى درجة تتطلب تدخله للحصول على قبر بموقع ممتاز في مقبرة الصليبخات وعلى أربعة شوارع !!!
لقد كان لرئيس البلدية السابق ، محمد إبراهيم القصيمي ، والذي ما كان ليصل لذلك المنصب لولا ذلك الدعم الهائل الذي حصل عليه من القوى الحزبية الدينية ، ذلك الدعم الذي وجد استجابة مباركة من كبار مسئولي الحكومة وقتها ، لولاه لما وصلت أوضاع البلدية إلى ما هي عليه من ترد وفساد لا يمكن أن يلام عليه الرئيس الحالي .
إن الحل الوحيد لمعالجة أمراض البلدية يكمن في ضرورة إيجاد طريقة يتم بها توزيع اختصاصاتها على أكثر من جهة ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى يتطلب الأمر فصل الجهاز " التشريعي " الخاص بها عن الجهاز التنفيذي والتخلص بأسرع وقت ممكن من آلاف العاطلين عن العاملين بها ، والذي يشكل وجودهم عائقا كبيرا في طريق إنجاز أعمال المواطنين والمراجعين في وقت معقول بسبب اضطرار المديرين إلى تفتيت الأعمال الإدارية البسيطة إلى العديد من المراحل وتوزيعها على العديد من الغرف من أجل إشغال أكبر عدد ممكن من العمالة الفائضة في التافه من الأعمال !!
أحمد الصراف
 

الارشيف

Back to Top