الرميحي.. و«الإخوان»

كتب الزميل محمد الرميحي مقالاً في «الشرق الأوسط»، تعلق بتاريخ الإخوان المسلمين في الخليج، وذكر أنهم وقعوا ضحية ظروف نشأة منظومتهم بسبب خصامها مع العصر أولاً، وثانياً ربطها للسياسة بالايديولوجية، الأولى متغيرة والثانية جامدة! وهنا نضيف لأسباب فشل «الإخوان» سببين آخرين، وهما: ضعف الخلفيات الثقافية و«الإبداعية» للمنتمين اليها، حيث يغلب الجمود، لا بل التحجر على فكر الكثيرين منهم. كما أن عددا كبيرا ممن انتمى اليهم، خاصة في دول الخليج، لم يكن هدفهم دينيا صرفا بقدر ما كان للاستفادة من قوتهم السياسية في تحقيق النفوذ والثروة، ولو بطرق ملتوية، والأمثلة، على من نجحوا في تحقيق صفقات كبيرة - ومع الحكومات بالذات - كثيرة، وهم يعرفون ذلك جيدا! ويعود الزميل الرميحي ليقول إن الإخوان، في تجلياتهم المختلفة، سرعان ما كانوا يصطدمون بالواقع، ويقدمون الضحايا، ثم يختفون تحت الأرض. ولم تُهيأ لهم قيادات حقيقية تخرجهم من مأزق النشأة والتقوقع. وقال إن إخوان الخليج الأوائل كانوا ثمرة احتكاك المؤسس وجماعته بطليعة من سافر إلى مصر من أبناء الخليج، وعاد هؤلاء إلى أوطانهم مؤسسين فروعا لتلك الحركة السياسية الدينية الاجتماعية (والحقيقة أن هذا لم يحدث إلا مع الكويتيين). ووجدت فروع الخليج أولا ترحيبا لكون المجتمع فيها بطبعه متدينا، وثانيا بسبب الخلاف والخوف لاحقا من عبدالناصر! وقال: في البداية كان لحركة الإخوان قبول من شباب المنطقة ومن سلطاتها التي لم تتبين البعد السياسي للدعوة، كما حرص الضيوف على ألا يثيروا كثيرا من الغبار السياسي حول نشاطهم، فكانوا بمعنى من المعاني موالين، مقارنة بتهديد التيار الناصري والأفكار اليسارية. وقال إن الإخوان وقعوا في «مغبة الضبابية» إبان احتلال العراق للكويت (وهذا برأيي تخفيف شديد للمأزق الذي وجدوا انفسهم فيه)، بعد ان اتخذت قيادتهم الدولية، ومرشدهم، وبعض تنظيماتهم المحلية، موقفا شبه مؤيد لصدام حسين في احتلاله للكويت)‍، وهذا تبسيط آخر لمأزق الإخوان، فالحقيقة أن حماستهم لصدام كانت أكثر من ظاهرة ومشاركتهم القوية في مؤتمر نصرة صدام في العراق ولاهور كانت اكثر من جلية، وهذا ما دعا إخوان الكويت، تحت نقد شعبي مرير، للتنصل من التنظيم الدولي، وهم مستمرون في تنصلهم حتى اليوم! وبعد التطورات الأخيرة في مصر وخروج السلطة من يد الإخوان شعرت فروع الإسلام السياسي الأخرى بالقلق. ومهم هنا ملاحظة ردات فعل إيران وتركيا على ما حدث في مصر، وكلتاهما على اختلاف، ولكنهما متفقتان على إدانة ما حدث، خوفا من ان يعدي شعوبهما. وقال إن قشعريرة يمكن ملاحظتها في صفوفهم وفي ردود فعلهم العصبية على ما حدث في مصر، ومن يراقب وسائل الاتصال الاجتماعي وطريقة تدخلهم في إدانة ما حدث وحتى استخدام ألفاظ غير لائقة وبعضها غيبية في تفسير الحدث المصري، يعرف أنهم مصابون بالقلق الشديد. وقال الرميحي إن الصدام الذي يمكن أن يحدث في مصر، إن تطور إلى عنف، فستخسر الجماعة من ورائه الكثير، وسيثبتون حينها أنهم ليسوا فاقدي المشروع السياسي المعقول لبناء الأوطان فحسب، إنما أيضا سيبين ضعف إيمانهم بالديموقراطية التي تتوق إليها الشعوب في عالم يتجه إلى العولمة. وان فرصتهم قد ضاعت في الحكم ثانية.

الارشيف

Back to Top