السير مع فيليب

قررت وأم طارق، وصديقنا فيليب السفر إلى ماربيا للالتحاق بمعهد صحي رياضي بغية التخلص مما تراكم لدينا، على مدى سنين من أوزان زائدة، وذلك استعدادا لحفل كبير نزمع القيام به. ظروف خاصة دفعت أم طارق للاعتذار عن مصاحبتنا، ربما من بينها رشاقتها، مقارنة بوضعينا، فانطلقت وفيليب للمعهد الذي وقع الاختيار عليه، بين عدة معاهد صحية، وهناك تبين لنا أننا سنكون كالمساجين بين اسواره، كما أن شروط المعهد تتطلب خضوعنا لجلسات علاج نفسية مع «طبيب نفسيكي» أو shrink بمعدل جلستين إلى 3 اسبوعيا، لمساعدتنا في معرفة سبب «سمنتنا المفرطة»، وتحضيرنا «نفسيكيا» لعدم العودة لها بعد فقدها! كما أن المبلغ المطلوب منا دفعه للمعهد، إضافة إلى ضرورة اعترافنا باختلالنا عقليا، سد نفوسنا من الإقدام على التجربة، وفتح شهيتنا اكثر للطعام، وكل هذا دفعنا لأن نسأل انفسنا قائلين: إن تخفيض الوزن بحاجة لإرادة قوية للامتناع عن عادات تناول طعام وكسل اعتاد عليها طوال عقود من الزمن، فإن كانت تلك الإرادة موجودة لدينا فما الفرق بين المكوث داخل «أسوار» المعهد الصحي أو في الخارج؟ وهل نحن بحاجة فعلا لكل هذه المعاناة وهذا الصرف؟ ولم لا نعتمد على أنفسنا؟ وهكذا كان، حيث قمنا بترتيب امورنا على السكن منفصلين، وخارج محيط الفنادق، لكي لا نشجع بعضنا بعضا على الأكل أو الضعف أمام خدمة الغرف. كما قمنا بشراء كميات بسيطة من الأطعمة ذات السعرات الحرارية المنخفضة، وتعاهدنا على أن نأكل القليل ونمارس الرياضة أكثر... وبدأت رحلة التحدي مع النفس ورفض المشهيات والمغريات من أطعمة و... مشروبات! ولم يكن الأمر سهلا في البداية، ولكن بعد اليوم الثالث اصبح السير يوميا لمسافة تزيد على العشرين كيلومترا أمرا عاديا، ونجحنا مع نهاية الأسبوع في قطع مسافة تزيد قليلا على الثلاثين كلم في يوم واحد، وإن على فترات متقطعة! ولكن المتاعب سرعان ما بدأت بظهور التهابات ما بين أصابع القدمين تبعها تشقق الكعبين، وآخرها «أبو زليغه»، وبالتالي تكررت زياراتنا للصيدلية القريبة! وبعد معاناة وصبر وتعب تبين لنا أن مسألة التخلص من الشحوم التي تراكمت على منطقة الوسط، وما أدراك ما الوسط، على مدى نصف قرن، عملية ليست هينة، ودونها الجبال الرواسي، وأن السير لعشرين أو لاربعين كيلومترا في اليوم لا تعني شيئا للجسم، الذي يقوم في هذه الحالة بتحويل الشحوم لعضلات، فالجسم يرفض أن يفقد وزنه، إن لم تحرمه مما اعتاد على تلقيه من كمية طعام. وهكذا دخلنا في مرحلة حرمان أكثر وعرق اكثر وتعب أكثر وأكثر! وفي النهاية، وبعد معارك شرسة مع النفس، وقطع مئات الكيلومترات سيرا، أصبحنا نشعر بأننا أفضل صحيا، واقل وزنا، وأفضل نوما وأقوى عزيمة على الاستمرار في ممارسة الرياضة. ووصلنا لقمة صغيرة غير عالية، ولقناعة بأن «التزحلق» عنها سهل متى ما تناسينا ما تعاهدنا عليه من ضبط النفس، وهنا مكمن الصعوبة والتحدي الحقيقي. ننهي المقال بالقول ان ممارسة الرياضة اكثر من مهمة لاي شخص وفي اي سن، والأهم من ذلك مراقبة ما نضع في جوفنا من طعام، كما وكيفا!

الارشيف

Back to Top