عظمة شعب

في رد على جهة لا أعرفها، قال رئيس مجلس الأمة اننا «لسنا شعبا رديئا اتكاليا، بل نحن شعب عظيم، ووقت الشدة تتفجر فيه الطاقات والعمل الجبار»! وهذا كلام جميل، ولكن لماذا نحن عظماء فقط وقت الشدة، وتتفجر فيه طاقتنا، علما بأن فترات الشدة في حياة أي أمة نادرة، وغير الشدة أو الرخاء هي السائدة، فلماذا لا نستطيع أن نكون شعبا عظيما في غير أوقات الشدة مثلا؟ وكيف يمكن أن نوصف بالشعب العظيم، ونحن غارقون في مجاملة بعضنا بعضا، على حساب الأخلاق والحقيقة، فنقدم هذا في مجالسنا، وقد يكون هو الحرامي الكبير، ونستقبل الآخر، الحرامي الأكبر، عند باب الديوان، ونودعه إلى باب سيارته، والكل يعرف تاريخه المشين؟ ولماذا نصر على كل من اشترى بديناره الأخضر كرسي النيابة الأكثر اخضرارا؟ وكيف نكون شعبا تتفجر طاقات العمل فيه وهو المتخم بالبطالة، والوحيد عالميا الذي يباغته المرض قبل العطل والأعياد بيومين، ولا يتعافى من وعكته إلا بعد انتهاء العطل والأعياد بيومين ايضا؟ وكيف تتفجر طاقات العمل فينا واغلب موظفي حكومتنا يتمارضون ملايين المرات سنويا؟ ألا تتطلب هذه الظاهرة من رئيس مجلس الامة التفاتة وتكليف مثلا منظمة الصحة العالمية للاهتمام بها ودراستها؟ وكيف نكون شعبا عظيما تتفجر طاقاته وقت الشدة، وفي الوقت نفسه نقترف ملايين مخالفات المرور، التي يعلن عنها، ولو أعلنت الحكومة ما تعرفه عن بقية المخالفات في النظافة والغش التجاري ومخالفات البناء، التي ربما بلغت المليون، وجنح رمي الأنقاض، وبيع الاغذية الفاسدة وتهريب المواد الممنوعة وقضايا النصب والاحتيال، بعضنا على بعض، والمتاجرة بالبشر، فلو عرفنا كل هذا الكم الهائل من المخالفات والجنح والجرائم، هل سيستمر رئيس مجلسنا حينها في وصفنا بالشعب العظيم؟

نعم، كان الكويتي شعبا كبيرا، على قلته، وقت اغتصب صدام وطنه. وتصرف بعظمة نادرة وقت الاحتلال، وكان ابيا، وكان يمتلك الشجاعة ويتصف بالعظمة، ولكن كل ذلك اختفى أمام أطنان المخالفات والسرقات والانتهاكات التي حدثت بعدها. فقد فشلت حكوماتنا، المتتالية في رشدها، في الاستفادة من تكاتف مجتمع ما بعد التحرير، ولم تستطع خلق الوطن الحر الجميل المنشود، فقد تغلب عليها طبع «فرق تسد» في نهاية الأمر، وأدى ذلك لإخراج أكثر الطباع سوءا فينا، بمباركة منها، وبالتالي ليس لهذا الليل من آخر!

***

ورد في القبس أن رفع علم ما قبل الاستقلال أصبح يشكل ظاهرة، وعلى السلطات التصدي لها! ونحن نتفق مع مطالبة القبس، إلا أن إصرار البعض على الاعتزاز بعلم ما قبل الاستقلال ربما يكون رفضاً مبطناً لوضعنا الحالي، وحالة الفساد العام التي تعيشها الدولة برمتها.

الارشيف

Back to Top