عزيزي السفير خالد الجار الله

أثناء الاحتلال الصدامي الأسود للكويت، ومع كل اليأس الذي كان يشعر به مواطنو الدولة والمقيمون فيها، والخوف الذي شل كل نشاط، وتضارب الأنباء عن مصير الكويت والكويتيين، قام ثلاثة دبلوماسيين مميزين، وبدافع وطني بحت، بوضع القلق واليأس جانباً، والسعي لأن تبقى صورة وطنهم حية في الأذهان، وضياع حقهم في العيش بكرامة وحرية، ورغبة منهم في تخليصها من براثن طاغية لا يعرف شيئا عن الإنسانية، قاموا بالسعي الى التقارب العملي بين الكويت وإيطاليا، ولأجل ذلك أسسوا، مع مجموعة من رجال الأعمال والسياسيين الإيطاليين، جمعية صداقة وتوأمة بين مدينة الكويت «المحتلة» ومدينة فلورنسا العريقة في إيطاليا، وهذه سابقة عالمية. ونجحت جهود الدبلوماسيين الثلاثة، على الرغم من المعارضة الشديدة التي لقيها المقترح من أعضاء المجلس البلدي في فلورنسا ومن أعضاء الحزب الشيوعي، الذي كان منذ البداية معارضاً لفكرة التدخل العسكري لتحرير الكويت. وعلى الرغم من كل الصعوبات، وبجهود عمدة فلورانس، ورئيس مجلس النواب الذي ينتمي إلى المدينة نفسها، وبجهود السفير (المتقاعد حاليا) احمد غيث، وسفيرنا حاليا في طهران، ماجد الظفيري، وسفيرنا الحالي في السنغال محمد خلف، تم تمرير القرار وقبول المجلس لتوأمة مدينة الكويت المحتلة وواحدة من أعرق المدن الإيطالية واكثرها شهرة.

وتقديراً لجهود ودور رئيس الجمعية وأعضائها في إبقاء اسم الكويت عاليا أثناء الاحتلال، قام صاحب السمو الأمير الراحل، جابر الأحمد، بعد التحرير بفترة قصيرة، بإرسال طائرة خاصة، لاستضافتهم في الكويت وتقديم الشكر لهم.

قامت تلك الجمعية بعدة أنشطة فعالة، منها عرض مقتنيات دار الآثار الإسلامية في إيطاليا، ومنح بعض الشخصيات الرفيعة أوسمة خاصة. كما رعت الجمعية إصدار كتاب «الكويت في زمن الآلام»، الذي قام بوضعه رئيس الجمعية، وأشرف على إصداره، وهو عبارة عن الرسائل المتضامنة مع الكويت من قبل أطفال المدارس الابتدائية والمتوسطة.

المهم في هذا الموضوع أن الكويت، ومنذ التحرير وحتى الآن، تقوم بتغطية إيجار مقرها، علما بأن العاملين في الجمعية متطوعون، ولدى الجمعيات مقتنيات وأنشطة ووجودها مهم من الناحية الدبلوماسية، ولكن سفيرنا الحالي في إيطاليا، وفق ما قيل لي، قام بوقف المعونة عن الجمعية بشكل مفاجئ، من دون إمهال رئيسها فترة لتدبير أمره. وبالتالي أصبح مصير الجمعية، بعد 23 سنة في مهب الريح.

لقد كان لهذه الجمعية دور كبير وأنشطة عدة لا يسع المجال لذكرها، وبالتالي نتمنى على الأخ وكيل وزارة الخارجية التدخل لمعرفة حقيقة دوافع قرار سفيرنا في إيطاليا، وسبب قطع المعونة عن جمعية، كان لها دور كبير عندما كنا بحاجة إليها، وعندما أصبحنا في أمان قررنا التخلص منها بطريقة غير لائقة.

الارشيف

Back to Top