ما هو الصحيح في الصحيح؟

كتبت قبل سنوات مقالا عما ورد في مقدمة "صحيح البخاري" من أن مؤلفه، الإمام البخاري، قال بأنه قضى 16 عاما في جمع 600 ألف حديث، وبعد البحث في صحتها خرج بما يقارب 6000 حديث صحيح! وذكرت في المقال بأنني قمت بإجراء عملية حسابية قسمت فيها إجمالي دقائق السنوات ال 16 التي قضاها في الجمع والبحث، وقسمتها على عدد الأحاديث الصحيحة، مخصوما من ذلك ما قضاه البخاري من وقت في ترحاله ونومه وقضاء بقية حاجاته اليومية، ووصلت لنتيجة أن كل حديث صحيح، يحكم ويتحكم في الكثير من تصرفاتنا منذ أكثر من الف عام وحتى اليوم، قد استغرق منه خمس دقائق فقط ليجزم بصحته أو بعدمه، علما بأنه قام بعمله بعد أكثر من 300 سنة من وفاة النبي.

كان ملفتا في حينها كم الهجوم الذي تعرضت له، والذي كان في غالبه غير عقلانيا ولا منصفا، وتركز على عدم حقي، أنا بالذات، في التطرق لمثل هذا الموضوع، وكأن هذا كتابنا فلا تتطرق له، وهذا كتابكم ولن نتطرق له، أو كأننا نعيش في عالمين مختلفين، ولا نتأثر ببعضنا البعض في كل دقيقة من حياتنا. ولا أذكر حينها أن أحدا وقف معي غير الزميل في "الوطن"، النائب الحالي، "نبيل الفضل"!

وقد سبق نشر ذلك المقال، وبعده بالطبع، صدور العديد من المؤلفات التي انتقدت الكثير مما ورد في صحيح البخاري، والمطالبة بتحكيم العقل في الكثير مما ورد فيه من أحاديث، ومن هؤلاء الزميل السعودي "فهد الأحمدي" الذي كتب مقالين في جريدة الرياض، في 20 نوفمبر، التي تصدر في الرياض. كما انظم لركب منتقدي البخاري عدد كبير من رجال الأزهر، ومنهم إمام المسجد والخطيب "محمد عبدالله نصر"، الذي انتقد البخاري واصفا إياه بأنه بشر وغير المعصوم وكلامه ليس من السماء، وأنه اجتهد ومن يجتهد فقد يخطئ وقد يصيب، وبالتالي من الإنصاف عدم تقديسه أو تقديس ما ورد من كلام على لسانه، مع عدم بخسه حقه فيما اجتهد فيه.

الموضوع شائك ويستحق الحديث عنه، فما ورد في الصحاح أثر على الكثيرين ولا يزال، والأمر ذاته ينطبق على كتاب "الكافي" الذي هو بمنزلة صحيح البخاري لدى الشيعة، حيث ان صدرت طبعات متعددة الأحجام منه، مما يعني أن أشياء قد أضيفت له، أو حذفت منه، على مدى السنين.

الارشيف

Back to Top