صراحة حنون ومزاعم البول

يقول الكاتب الموسوعي "يونس حنون" بأن في تاريخ جميع الأديان هناك مواقف ونصوص وتعاليم إن قيست بمقاييس العصر الحالي فاننا نجد فيها ما يدفع للتشكيك والتندر والطعن في المصداقية، وهذا أمر طبيعي، فالنصوص التي كانت صالحة وجميلة وعظيمة قبل آلاف السنين قد لا تكون كذلك بعدها. ولكن ما هو غير الطبيعي هو الاصرار على التباهي بتلك النصوص المضحكة والتمادي في توكيد صحتها حتى لو كانت لا تستقيم مع العقل والمنطق والذوق والعصر الذي نعيشه. ويقول الاستاذ حنون بأن الكنيسة كانت تدعي بأن الارض مسطحة، وكانت ترغم كل من يقول ذلك بتغيير رأيه او يقتل. ولكن ما ان ظهرت الحقيقة حتى اعتذرت الكنيسة عن خطئها بتكفير الكثير من العلماء، ومنهم "غاليلو". وهذا ما حصل في ديانات كثيرة لم يجد قادتها مفرا من التخلي عن نصوص كثيرة لعدم مواءمتها مع العصر او المنطق، أو على الأقل تجاهلها. ولكن البعض الآخر تأخذه العزة بالاثم، فيصر على جهله، ويزيد على ذلك بتطوير المهزلة ونسبتها للعلم الحديث بترداد مزاعم مضحكة، كالادعاء بصلاحية بول الإبل للشرب والتداوي، علما بأنه لو طلب من كل من يروج لمثل هذه المقولات تطبيقها على نفسه لما قبل بذلك.

ما يدفع للحديث في مثل هذا الموضوع، الذي ربما لا يكون ملائما لقارئي المقال مع قهوة الصباح، هو ما اكتسبه هذا الموضوع ومئات غيره من اهمية، خاصة في شغل أوقات عشرات القنوات الفضائية، وما تضمنته من إدعاءات غير دقيقة ابدا عن تجارب اجريت على ابوال الإبل والقول بإعتراف المختبرات الغربية وعلمائها بصحة علاج السرطان بمثل هذه المواد او مستخلصاتها، وغير ذلك من الأمور الصعبة، دون تقديم دليل واحد على صحة ما يدعوهن او ذكر العلماء والمختبرات التي تؤيد إدعاءاتهم. وبالتالي من الضروري الكتابة عن مثل هذه القضايا لتنبيه السذج من خطورة الإيمان بها، ولوقف هذا السيل من الهذيان اليومي، وبالذات ممن لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بالعلم والطب والمخترعات والمكتشفات. أما ما تدعيه طبيبات، وبالذات سعوديات ومصريات، عن توصلهن لاكتشافات طبية تتعلق بفوائد أبوال الإبل فإن اية واحدة منهن لم تقدم دليلا واحدا على صحة اقوالهن، ويكفينا ما تفعله داعش بسمعة العرب والمسلمين من تخريب، وبالتالي لسنا بحاجة لفضائح اكثر واكبر.

الارشيف

Back to Top