اهتراء وضع الموانئ

">سبق أن كتبت مقالات عدة عن وضع موانئ الكويت البحرية، وقمت بزيارة عدد منها اكثر من مرة، ومنها واحدة لميناء الشعيبة، رافقني فيها المرحوم أحمد الربعي.

وعلى الرغم من أن المنطقة محظور الدخول اليها إلا بتصريح، وان احدا لم يعترض حينها طريقنا. فما رأيناه هناك وكتبنا عنه أثار الرعب والأسى في نفوسنا، ليس بسبب كم المخالفات والتسيب والفساد المستشري في كل زاوية في الميناء فقط، بل عدم إحساس أي طرف بالمسؤولية ايضا، ولولا يقظة بعض رجال الجمارك، وضميرهم الحي، لكانت الكويت مرتعا أكثر خصوبة لمهربي مختلف أنواع السموم والأخطار، بسبب شبه انعدام الأمن والأمان في هذه المرافق الحيوية.

وضع موانئنا البحرية لا يختلف كثيرا عن وضع مينائنا الجوي، بل اكثر سوءا. وعندما كتبنا عن تلك الموانئ زعل البعض منا، وقاموا بالطلب من «زملاء» بالرد علينا بصورة غير مباشرة، ومدحوا وضع الموانئ، وكانت سقطة معيبة منهم. كما زعل صديق آخر من إصرارنا على الكتابة عن وضع الموانئ المهترئ، لأنه في ما نكتبه إضرار بمصالحه، في مناقصات التحميل والتنزيل. 

ومؤخرا قامت القبس بتسليط الضوء «أخيرا»، ومن على صفحتها الأولى، على وضع الموانئ المهترئ، حيث ورد في التحقيق، وعلى لسان عدد من موظفي ميناء الشعيبة، أن الوضع الأمني واجراءات السلامة المتبعة من ادارة الميناء لا تفي بالغرض، مشيرين الى ان الاهمال واللامبالاة المتفشيين داخل الميناء يجعلانه عرضة للاختراق الامني وعمليات التخريب. وقالوا إنه، وعلى الرغم من الاوضاع الامنية الراهنة التي تمر بها البلاد، وفي ظل تشديد التفتيش والرقابة، فإن ميناء الشعيبة، الذي يستقبل سفناً من كل انحاء العالم، ويصدر البضائع التجارية والنفطية، يفتقر الى ابسط انواع الرقابة وتواجد العناصر الامنية، التي تعتبر مسؤولية مؤسسة الموانئ، مشيدين في الوقت نفسه بالإجراءات المشددة في مدخل ومخرج الميناء، التي تشرف عليها وزارة الداخلية.

وأشاروا الى ان الميناء التجاري تحوّل الى سكراب بفضل الاهمال والبنية التحتية المتهالكة، فضلا عن افتقاره الى مشاريع التطوير والبناء، لافتين الى ان وجود مواد خطرة في براميل بجانب الرصيف البحري عرضة للعمليات التخريبية، كونها مواد سريعة الاشتعال! موضحين ان البحارة الأجانب يسرحون ويمرحون داخل الميناء بلا رقيب.

وغني عن القول ان التسيب في الميناء ضارب في العمق، ولا ينفع معه قيام مسؤول بزيارته وتفقد مرافقه، فالوضع حقا خطير، وخطير جدا، والحظ هو الذي لعب دورا، حتى الآن، في عدم حدوث كارثة! ولقد تأملنا خيرا من مدير الموانئ الجديد، ولكنه ربما انشغل مثل غيره، ومن كان قبله، بالأمور الإدارية، وترك وجع راس الأمور الفنية والخطيرة.. للقدر.

الارشيف

Back to Top