جريمة الطرفين الكبرى

مخطئ من يعتقد أن ما يحدث اليوم في العراق، من خراب وقتل ودمار، وينطبق الوضع على دول عربية أخرى، ما كان ليحدث لو بقي الطغاة، من أمثال صدام والقذافي في الحكم! 

لولا أفعال هؤلاء الطغاة، وبطشهم المستمر بشعوبهم على مدى عقود، ورفضهم مشاركة أحد لهم في الحكم، لما وصل وضع دولة كالعراق لما هو عليه الآن، من دون أن نخلي الأميركيين والطبقة الفاسدة التي حكمت العراق بعد صدام، بدعم كبير من بعض الإيرانيين، من المسؤولية.

ما لا يودّ الطغاة إدراكه أن نهايتهم حتمية، ولكن نفسية الدكتاتور لا تسمح له بالتفكير فيما بعد «موته». وبالتالي مسؤوليتهم المباشرة عن خراب دولهم الآن واضحة ومباشرة، ومن السخف والغباء التباكي على عهودهم، إلا إذا كانت للمتباكين مصلحة سياسية ومادية، انتهت بذهاب ذلك الدكتاتور!

يقول السياسي، ورجل الدين، الشيعي المعمم إياد جمال الدين، في تغريدات مؤلمة له، نختار البعض منها وننشرها بتصرف قليل، يقول:

• إن «داعش» تحتل الأنبار والفلوجة والرمادي، والحكومة تنتدب 75 ألف جندي، لتأمين مواكب العزاء للعوام، والنهب مستمر للخواص.

• لا يستقر حكم المفسدين إلا بالتجهيل المنظم لاتباعهم، ففي كل يوم عزاء وبكاء. 

• أبناء اللصوص يدرسون في أفضل الجامعات، وأبناء الفقراء يتفرَّغون للتعازي والقتال.

• لا المرجعيات قادرة على مواجهة الغوغاء، ولا النخب الثقافية والسياسية تحرك ساكناً.

• عراق آيلٌ للسقوط، شعب آيلٌ للتفتيت، بيوت الناس آيلة للانهيار، والساسة مشغولون ببناء المزيد من دور العبادة.

• يا شيعة العراق، يا سنته، إذا رأيتم دور العبادة أفخم من بيوتكم، فهذا يعني أن هناك من يضحك عليكم.

• يقضي شيعة العراق أربعة أشهر من السنة في مناسبات العزاء، حيث يتوقفون عن أداء أي عمل. ماذا ينقص من إيمانهم لو قضوا، ولو نصف تلك الفترة، في بناء بيوت الفقراء؟

• خرّجت إيران مئات آلاف العلماء في مختلف التخصصات العلمية، ولكنها صدّرت لشيعة العراق المتخصصين في قراءة التعازي فقط. كما أن الأجهزة الإيرانية في العراق أنفقت مئات الملايين على بناء المزيد من دور العبادة، ولكن لم يصرف ما هو حتى قريب منها على المدارس.

• هاجر قرابة المليون عراقي إلى إيران ما بين عام 1979 و2003 ودرس الآلاف منهم في مدارسها! لماذا لم نر من تخرج منها في الهندسة أو الطب مثلا؟ لأن أبوابها كانت مغلقة أمامهم. انتهى.

خلاصة القول، إن المكون السني فشل في حكم العراق بطريقة صحيحة، طوال نصف قرن تقريبا. كما فشل المكون الشيعي في الأمر ذاته منذ رحيل صدام! فهل سيتطلب الأمر نصف قرن آخر من الدمار ليقر الجميع بأن الخلاص لا يكون بغير ديموقراطية علمانية؟

الارشيف

Back to Top