الغيار والمطار


عندما أسافر، لا أتوقف عن مقارنة وضع بلدي الصغير والجميل بالدول الأخرى. أشعر بالفخر أحيانا، وبالحزن أحيانا أخرى، وبالأسى لعجزنا أن نكون أفضل من غيرنا، أو في مثل تقدمهم، خصوصاً أننا نمتلك كل الإمكانات البشرية والمادية.

لقد سبق أن أرسلنا الى دبي من يبني لها مدارسها ويعلم أبناءها، ولم نشعر يوما بأننا بذلك نسيء الى مشاعرهم. وأعتقد أنهم أيضا لم يسيئوا فهم الهدف من مساعداتنا لهم، أو يشعروا بالخجل، وبالتالي ليس هناك ما يمنع من الاستعانة اليوم بالخبرات التي تراكمت لدى إدارة دبي، خاصة في المجال السياحي وإدارة الموانئ وأمن المنافذ الجوية والبحرية، والبرية، فخبرتها فيها أصبحت مضرب المثل، بشهادة أكبر اجهزة الأمن الأوروبية والأميركية.

ويجب ألا نخجل من أن نتعلم من ابناء دبي، الذين سبق ان علمناهم، فهذا فخر لهم ولنا، وليس في الأمر ما يعيب.

نعود الى الواقع، ونقول إن الكثيرين يشتكون ويستغربون إصرار الأمن في مطار الكويت على استخدام ذلك الحجم الغريب من الحاويات البلاستيكية، لوضع الأشياء المعدنية فيها، قبل تمريرها على أجهزة كشف المعادن، قبل صعود الطائرة! فأحجامها غير مناسبة لا لوضع الجاكيتات فيها، خاصة الشتوية، ولا حقائب اليد النسائية، ولا حتى أجهزة الكمبيوتر. ومقارنة بما هو مستخدم، حتى في أسوأ مطارات العالم، فإنها تعتبر الأكثر سخافة والأقل عملية. 

وبالأمس فقط، أخبرني صديق يعمل في المطار أن السبب أو السر في التعاقد عليها يعود، كالعادة، للسعر الرخيص! والسبب في فرق السعر الكبير يعود إلى أن هذه الحاويات مصممة ومصنعة أصلا لتكون أدراجا بلاستيكية لحفظ قطع الغيار. فشكلها وحجمها، وما فيها من نتوءات وحواف تشي بذلك. ويبدو أن «أحدهم» سبق أن استوردها لشركة ما، «وتدبس بها»، ولكنه استطاع تاليا «تدبيسها»، أو بيعها لمطارنا «الدولي» بشكلها نفسه. وسبب فوزه بالمناقصة يعود، ربما، لعدم اضطراره، كبقية منافسيه، تضمين سعره تكلفة صنع قالب حديد mold جديد، والذي يتكلف عادة بين 50 ألفاً و100 ألف دولار.

الطريف، أو المخجل، أن شركات طيران اميركية محددة، اشتكت لإدارة المطار من شكل وحجم تلك الحاويات، وعندما «طق ميخها» ويئست من التجاوب معها، قامت بمبادرة منها، باحضار حاوياتها الخاصة معها، ليضع فيها المسافرون على متن طائراتهم حاجياتهم المعدنية فيها لفحصها، ومع هذا لم يستح أحد من ذلك المنظر وذلك التصرف اللذين يبين في كل مرة مدى عجزنا عن التطور والتغيّر. وربما يكون هذا الاجراء الذي تتبعه تلك الشركات الأميركية الوحيد في العالم، وهو إجراء مضحك، بقدر ما هو مخجل! 



أحمد الصراف

 

الارشيف

Back to Top