سنة تجنب التضليل

في بداية كل عام يقوم ملايين البشر بأخذ عهود ووعود على انفسهم بأن يتصرفوا ويعيشوا بطريقة افضل، نفسيا وصحيا. وبالرغم من أن الغالبية تنسى بعد فترة ما تعهدت به، فإن قلة تستمر في التمسك بتعهداتها. وقد تعهدت شخصيا ان استهلك كمية اقل من السكر في العام الجديد، وان أكون أكثر عقلانية في التعامل مع الرسائل التي تصلني عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فليس سرا ان الواتس اب وأخواتها اصبحن جزءا من العائلة، وأحيانا تأخذ الواحدة منهن وقتا أكثر مما يأخذه الزوج او الزوجة من الطرف الآخر، واصبح منظر انشغال الجميع بقراءة ما يردهم من رسائل وصور وغيرها على هذه الوسائل منظرا عاديا جدا، بالرغم من خطورته، وبالتالي يتطلب الأمر التعامل مع الوضع الجديد بطريقة أفضل. 

ولكي تكون السنة الجديدة أفضل مما سبقتها، فإن علينا جميعا أن نقلل من تعلقنا بالواتس أب والتويتر والفيسبوك وغيرها، والأهم من ذلك أن نتخذ أقصى درجات الحيطة قبل إعادة إرسال ما يردنا من أخبار أو إشاعات او صور، والتأكد أنها لا تسيء لأحد، وأنها لا تتضمن معلومات قد لا تكون صحيحة. فمن الواضح أن هذه الوسائل، كما في عالم الإنترنت الواسع، لها جوانب جيدة، فإن لها أيضا جوانب سيئة ومؤذية، فكما هي أدوات إعلام وتثقيف، فهي أيضا أداة تشويه وتضليل. فقد وردتني شخصيا، خلال 2015، رسائل عديدة قمت بإعادة إرسالها لآخرين لأكتشف تاليا أنها غير صحيحة.

وبناء على تقرير نشرته «البي بي سي» تبين أن الكثيرين في مختلف دول العالم تعرضوا في عام 2015 لكم كبير من الأخبار الكاذبة والمسيئة من خلال وسائل التواصل، ويتوقع أن تتزايد هذه الحالات في عام 2016، مع تزايد انتشار استخدام الهواتف الذكية، وسهولة الحصول على الإنترنت. ولا أعتقد أن أحدا لم يكن يوما ضحية صورة او خبر كاذب أو مضلل قرأه على الإنترنت أو الواتس أب، أو غير ذلك من وسائل التواصل، حتى لو لم يكن من مستخدميها. وورد في التقرير أنه في أبريل 2015، وإثر الزلزال الرهيب الذي ضرب النيبال، وخلف آلاف الضحايا، انتشرت على الإنترنت صورة طفلة تبلغ السنتين، وهي تحتمي بأخاها الذي يكبرها بعامين، والحزن والهلع باديان عليهما، وكانت الصورة سببا في استدرار عطف الكثيرين، وتبين لاحقا ان الصورة تعود لعام 2007 ولطفلين فيتناميين!

كما انتشرت صورة لمقاتل من داعش، نجح في اللجوء إلى دولة أوروبية، وتبين لاحقا أنها لمقاتل في الجيش السوري الحر.

وانتشرت صورة التقطت لمسرح باتكلان، في باريس، قبل تعرضه لهجوم إرهابي، ثم تبين أن الصورة لمسرح أولمبيا في العاصمة الايرلندية دبلن. كما أن الصور التي بينت خلو شوارع باريس الشهيرة من المارة والسيارات بعد الأحداث الإرهابية، كانت في الحقيقة صور من فيلم سينمائي.

وهناك أمثلة عدة لا يمكن حصرها، وبالتالي نتمنى على الجميع توخي الحذر، وعدم إرسال اي مواد قبل التأكد من صحتها، فالشك هنا افضل، وعدم التسرع في الإرسال أجدى، فضرر الإرسال أكبر من نفعه.


أحمد الصراف

 

الارشيف

Back to Top