الغزالي وبو بدر


وردت في محاضرة ألقيت في جامعة أميركية بعض المعلومات المنسوبة لعالم الفيزياء الأميركي ستيفن واينبرغ: steven weinberg 1933، أن ثلاثة أرباع نجوم الفضاء المعروفة تحمل أسماء عربية، والسبب يعود إلى أن المسلمين كانوا أول من اكتشفها. كما أن الأرقام 123456789، التي نسميها «إنكليزية»، هي نفسها التي يسميها الغرب عربية، وأنا على ثقة بأن غالبية العرب لا يعرفون ذلك. كما أن أساس علوم الرياضيات، من جبر ولوغاريتمات، توصل إليها المسلمون، بعد تعرفهم على «الصفر» الهندي، وكان لهم فضل السبق فيها. كما شمل فضلهم الهندسة والأحياء والطب وغيرها من العلوم التطبيقية. ثم تجمَّد العلم وكل شيء آخر، عندما جاء «أبو حامد الغزالي» (1058 ـ 1111)، وبدعم من السلطة، وكفر البحث في الفلسفة والرياضيات، وبقية العلوم الوضعية، ونسبها للشيطان، وطالب بتغليب النص على العقل، فتوقفت عندها عجلة حضارة «دار الإسلام»، التي استمرت من القرن التاسع وحتى القرن 12 الميلادي، ولم تنهض بعدها أبدا، وأصبحنا نرى وضع المسلمين البائس، مقارنة بغيرهم، على الرغم من ان عددهم يزيد بكثير على المليار، فإن نصيبهم من جوائز نوبل، ومن التقدم الحضاري، لا يزيد على 3 أو 4 جوائز متواضعة الأهمية. في الوقت الذي نرى أن نصيب اليهود، الذين لا يتجاوز عددهم 15مليوناً، يبلغ أكثر من 150 جائزة. ولو لم تنهر حضارة بغداد بفعل فاعل، بعد دخولها تحت سطوة أفكار «الغزالي» المظلمة، وتحريمه الاختلاط بالآخرين والتأثر بهم، ورفض حضارة الغير، والحد من الترجمة والاطلاع، لكان وضع العرب والمسلمين اليوم شيئاً مختلفاً تماماً.

وضع الكويت في بداية ستينات القرن الماضي، وحتى نهاية سبعيناته كان يشبه، مع الفارق، وضع بغداد في القرن التاسع، بانفتاحه على معارف وثقافات الغير، وتشجيع الاستعانة بأفضل الخبرات واتباع أحسن اساليب التعليم، وكسب أصحاب الكفاءات، ثم لينتهي كل ذلك بقيام الحكومة حينها، وربما حتى يومنا هذا، بتسليم مفاصل الدولة للإخوان، بقيادة من أطلقت مؤخرا اسمه على واحد من أهم الشوارع التي تحيط بالعاصمة، والذي اكتسح بـ «بولدوزره» كل ما تحقق من إنجازات فنية ورياضية وثقافية رائدة في المنطقة، فتحولت الكويت، بـ«فضل» جهوده، من منارة للعلم والفن والثقافة، لتصبح نسخة باهتة عن بقية دول المنطقة الأخرى، فتراجع الإبداع في كل حقل ومجال، وتخلفت الثقافة وانحدرت التراجم واختفى الفن، وتبع ذلك العبث بالحياة السياسية، وما لحق بكل ذلك من انهيارات خلقية نتيجة زيادة وتيرة العبث بمصالح الدولة ومقدراتها وأموالها.

والمؤسف حقاً، أن من كان له الفضل الأكبر في بدء التعليم المدني النظامي في الكويت في بداية القرن الماضي، بمساهمته السخية، التي قاربت نصف ما كان مطلوباً لبناء المدرسة المباركية، وهو قاسم (جاسم) الإبراهيم، لا نجد أن جهة فكرت في إطلاق اسمه، وربما أكون مخطئا، على أي من سكيك الكويت، دع عنك شوارعها وطرقها الرئيسية.


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top