نظرة منكم.. يا سيدي

نصحني الصديق فيليب بيداويد ــــ المصرفي المعروف، بعد ان شكوت له من حساسية في معدتي عند تعرّضها للهواء البارد ــــ بتناول نوع من الشراب القوي الذي بإمكانه القضاء على أي التهابات أو ميكروبات مترسبة في المعدة. نصيحته كانت في محلها، واختفت الحساسية في اليوم نفسه. أخذت زجاجة الدواء (الشراب) معي، تحسّبا للمستقبل، وسافرت من جنيف لبيروت، التي قضيت فيها ليلة، ولكني تكاسلت، او نسيت إفراغ حقيبتي مما فيها. وفي اليوم التالي اتجهت الى الكويت بالحقيبة وبما فيها، وفي صالة الوصول تذكرت أنني لم اخرج تلك الزجاجة من الحقيبة، وقد يعتبر مفتش الجمارك أن ما فيها خمر، وليس شرابا مسكّنا! وهنا قررت الذهاب لرئيس النوبة في الجمارك وشرح الأمر له. فطلب مني هذا، بعد ان سمع روايتي، واطلع على جواز سفري، وعرف سني ومن أكون، ألا أهتم، وان أشير الى حقيبتي أثناء مرورها على جهاز الأشعة. فعلت ما طلب، فقام بسحب الحقيبة لطاولة الكشف الجانبية وطلب مني فتحها، وقام بنفسه بشبه تفريغ محتوياتها، والبحث الدقيق في كل ما كان فيها من أحذية مستعملة، وملابس غير نظيفة، وأخرج الزجاجة التي كانت نصف ممتلئة، وصادرها، وقال إن هناك اشياء أخرى في الحقيبة، وطلب مني أن اصرح عنها، فقلت له، وأنا اشعر بالحسرة، إنني لست مهرّبا، ولا تاجر مخدرات، ولا سارقا لمال الدولة، ولا التأمينات! وإن عليه هو البحث، فاستمرت يده في التنقل من زاوية لأخرى، وعندما لم يجد شيئا تركني لحالي!

وبعدها بشهر تقريبا، قرأت في الصحف أن أحد أبناء الأسرة تسبب في أزمة داخل المطار عندما أصر على إدخال زجاجات خمر جلبها معه من الخارج، وفق ما ورد، في الشهر الماضي، في صحيفة الراي، وكيف أن جهاز الجمارك في المطار كشف الأمر، ولكن عندما حاول المفتش الجمركي مصادرة «الشحنة»، لم يعجب الأمر ابن الأسرة، الذي سعى للخروج، بما جلبه معه عنوة. وهنا حدثت مشادة كلامية بين الاثنين، وتطور الأمر بحيث تطلب الاتصال بمسؤولين كبار، لتتسع دائرة المشادة إلى درجة توجيه ابن الأسرة الشتائم للموظفين، وإصراره على مغادرة قاعة التشريفات بما أتى به، وكان له ما أراد في نهاية الأمر.

ان صح ذلك، فأنا لست في مجال مقارنة وضعي بوضعه، ولا القول إننا مواطنون في دولة يفترض أن الجميع متساوون فيها أمام القانون، فالحقيقة ليست كذلك في جميع الأحوال، ومثل هذه الأمور تحدث في دول كثيرة، بدرجة او بأخرى، وليس هذا موضوع المقال وزبدته، بل ما اريد قوله أن هذا التشدد غير المبرر ضد جلب زجاجة او نصف فارغة وإشغال الجميع بتوافه الأمور، فالمسألة لا تحتاج لغير مكالمة هاتفية، وبعض النظر، من صاحب النظر!


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top