هبي بيرث داي أفيروس

وaverros هو الاسم الاوروبي للعالم والفيلسوف والطبيب ابن رشد، رائد التنوير، الذي احتفل العالم الغربي، «فقط»، بمرور 890 عاما على ميلاده، لدوره في انتشالهم من ظلام التعصب والجهل لرحاب المعرفة والنور، في الوقت الذي اهمله اهله، العرب، وحاربوه، واصبحت تسمية اي مبنى او صرح في اي دولة اسلامية امرا اكثر من نادر، وفي الكويت هناك مدرسة ابتدائية باسمه، وشارع صغير في حولي، وهو الذي قال عنه جورج سارتون، عالم الكيمياء والمؤرخ الاميركي، في كتابه «المدخل الى تاريخ العلوم»، ان ابن رشد كان من اعظم فلاسفة الإسلام، وله اكبر الاثر على فلاسفة اوروبا، متجاوزا تأثير ارسطو نفسه.

يمثل ابن رشد، وبقية علماء «دار الاسلام»، من امثال الفارابي وابن الهيثم والكندي وابن سينا وغيرهم، معضلة، او ورطة سياسية ودينية واخلاقية للكثيرين. فهؤلاء من جهة يمثلون كل ما تبقى لدى المسلمين للفخر به امام العالم، في عصر الانحطاط الحالي والطويل، لانهم يمثلون صورة الاسلام الحضارية والانسانية. ولكن من جهة اخرى فإنهم جميعا تعرضوا للكثير من الاذى. فقد قتل من قتل منهم بابشع الطرق، وعذب غيرهم، ونفوا من اوطانهم ومنعوا من الكتابة والكلام، وكل ذلك لانهم سبقوا عصرهم بآرائهم العلمية ونظرياتهم الفلسفية واكتشافاتهم الطبية، وتعارض كل ذلك مع الجهل والتعصب والتخلف الذي كان سائدا في عهودهم، وتفضيل حكامهم من خلفاء وولاة تغليب النقل على العقل.

ولو قمنا، كما فعل الصديق والزميل سامي النصف، بزيارة اي من مكتبات الجامعات الاوروبية، لوجدنا الكم الكبير من مؤلفات ابن رشد، او ما سلم من التلف منها على يد «مسلمي» عصره، الذين لا يختلفون عن متخلفي اليوم، حتى بعد مرور 900 عام.

يعتبر ابن رشد مؤسس الفكر الحر، لانه فتح امام علماء اوروبا ابواب البحث والمناقشة والمعرفة على مصاريعها، واخرجها من ظلمات التقييد الى نور العقل والتفكير. ولا يمكن ان نخرج من ظلمات الحجر والمنع والتحريم بغير قراءة فكر هذا الفيلسوف والعمل بمبادئه، وليس بتسمية صيدلية باسمه.

ومن اقوال ابن رشد، ان التجارة بالاديان هي التجارة الرابحة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل، واذا اردت ان تتحكم في جاهل فعليك ان تغلف كل باطل بغلاف ديني.

وقال: اللحية لا تصنع الفيلسوف. والعلم في الغربة وطن والجهل في الوطن غربة. وان الحكمة هي صاحبة الشريعة، والاخت الرضيعة لها، وهما المصاحبتان بالطبع، المتحابتان بالجوهر والغريزة.

ومعروف ان من قضى على افكار ابن رشد ودفنها، وبالتالي ادى الى تخلفنا هو بعض من الاتجاه السلفي الذي سبق له أن كفَّر الباطنية واليهود والنصارى والشيعة، والصوفية وكيف انه لاتجوز مناكحتهم، ولا تباح ذبائحهم، ولا يدفنون في مقابر المسلمين، ولا يصلى عليهم، ولا يجوز استخدامهم في ثغور المسلمين، ولا في حصونهم، ولايكونون ضمن جندهم… الخ

أحمد الصراف


 

الارشيف

Back to Top