مركز الحياة

ينقسم الأطفال إلى فئتين: عادي أو عالي الذكاء، والفئة الثانية: بطيئي التعلم، أو من لديهم إعاقات ذهنية. كما تنقسم الفئة الأولى إلى قسمين: من لا يشكون من صعوبات تعلم، ومن لديهم صعوبات. وقد يكون من لديه صعوبات تعلم عالي الذكاء، أو حتى عبقريا، ولكن بسبب عدم الاهتمام بحالته، لسبب أو لآخر، انحرف، وسبب للمجتمع صداعا، لفشل الوالدين في تشخيص حالته، وتقديم التعليم المناسب له.
ومن أشهر أنواع صعوبات التعليم «عسر القراءة»، أو «الدسلكسيا»، وهي الأكثر شيوعا. وهناك صعوبة «عسر الحساب»، وعسر الكتابة، أو الصعوبة في تشكيل الحروف وكتابتها، ومشكلة نقص الانتباه، المصحوب بالنشاط المفرط. وصعوبة التآزر الحركي، الدسبراكسيا، التي تؤثر في قدرة الفرد على تنظيم حركاته الدقيقة كربط خيط الحذاء أو إدخال الزر في فتحة الملابس.
تعتبر جميع هذه الصعوبات معيقة لتقدم الفرد، وقد تكون وبالاً عليه وعلى مجتمعه، ولكن بالتشخيص والتدخل العلاجي المبكر يمكن، غالبا، إعادة الطفل إلى الطريق الصحيح. وبالتالي من المهم جداً قيام من يمتلك الرغبة والإخلاص والخبرة بعملية التشخيص وتقديم العلاج اللازم لمنع انحراف الطفل، مع التركيز على أهمية ملاحظة الوالدين لما لدى طفلهما من إعاقات، ومن ثم البحث عن علاج له، وعدم الركون إلى وهْم أنه سيصبح أفضل متى ما كبر، فالتشخيص المبكر ضروري هنا جداً.
وعلى الرغم من وجود عشرات المؤسسات والجهات الحكومية والأهلية التي تقوم بتقديم النصح والعون النفسي والمادي والاجتماعي للمصابين بمختلف الإعاقات، فإن القلة تعرف جميع هذه الجهات، دع عنك الاهتمام بما تقوم به من عمل إنساني وأمني وطني رائع، ويعتبر مركز تقويم وتعليم الطفل من المؤسسات الناشطة في مجال الاهتمام بهذه الفئات، الذي أنشأته قبل 33 عاما السيدة فاتن البدر، وأصبح اليوم، بفضل جهود أفراد جميلين من أسرتها، والفريق العامل معها، وبعضهم بدأ معها منذ اليوم الأول، ممن كرّسوا وقتهم وجهودهم لهذا المركز، وضحّوا بالكثير لجعله المكان الأفضل في الكويت لتشخيص وعلاج الأطفال الذين يعانون من صعوبات، على مدى عقود ثلاثة، نجح فيها في التعامل مع عشرات آلاف الحالات. ولولا جهود المركز لكنا، اجتماعيا وأسريا، في وضع شديد السوء.
يعتبر مركز تقويم الطفل اليوم واحدا من الصروح التي تستحق كل احترام، بعد نيله اعتراف وتقدير كثير من الجهات المحلية والإقليمية والدولية، وأصبح مركز تدريب عالميا، ومثالا يحتذى، ومساويا في المكانة والأهمية لمركز سنغافورة الشهير!
وعلى الرغم من العبء الكبير الواقع على أكتاف إدارة هذه المؤسسة غير الربحية، واضطرارها إلى العمل صباحا ومساء، لمواجهة الطلب المكثّف على خدماتها الضرورية، فإنها، وبعد 33 عاما من العمل المستمر والصمت، أصبحت تواجه مشكلة حقيقية تتعلق بقدرتها على الاستمرار في ظل شح مواردها، بحيث أصبح هاجس دفع الرواتب يمثل هما للقائمين على الإدارة.
لقد اعتاد أهل الخير التبرع للمشاريع الدينية، كبناء المساجد، ولكن مشروع مركز تقويم الطفل لا يقل أهمية وفضل عن أي مركز ديني؛ فالصلاة يمكن أداؤها في أي مكان، ولكن من الاستحالة تقديم العلاج لطفل لديه صعوبات تعلم خارج مركز متخصص!
وعليه، ندعو أصحاب القلوب الطيبة، والنفوس الكريمة، لمد يد العون المادي لهذه المؤسسة غير الربحية لمساعدتها في الاستمرار على القيام بدورها الوطني والإنساني، وهذا ما فعلته أنا.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top