مقال رأت القبس عدم ملائمة نشره

قراءة في التاريخ
أرسل مسافر نجدي من منطقة سدير رسالة إلى أهله، قبل سبعين عاما، يصف فيها مشاهداته في طريقه إلى مدينة الزبير، في العراق، التي ذهب لها بحثا عن عمل لدى أبناء عمومته هناك، عندما كانت الزبير محجا، ومورد رزق، ومقصد هجرة لأهالي منطقة نجد الجرداء، قبل ان تنقلب الآية وتصبح نجد هي الجاذبة، والزبير هي الطاردة، مع أول هطول خيرات النفط على المنطقة، حيث يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ومغفرته ومرضاته.
مشينا من عندكم خبركم حادرين مع الربع، نمشي في البراد ونقيّل وقفة الشمس، ونمشي إذا برّدنا، ونسري أول الليل، ثم نمرح، وإلى تريقنا (أي تناولنا افطارنا) عقب الفجر سرحنا،  وما وصلنا الزبير الا عقب عشرين يوم  مَشْيٍ على رجلينا حيث الرحايل (الجمال) ضعيفة يالله تشيل الزهاب ماتنطح نركبها، والمرعى قليل ولقينا ديرة عجيبة عندهم شي يسمونه خبز لا هو قرصان ولا مراصيع، ولا تزينه الحريم في البيوت يزينه رجال بعضهم عجم في دكاكين فيها تنور كبير، ويبيعونه على الناس، زين ياكلونه ويغطِّونه اما على بلول والا على حليّبه والا على حلو يسمونه شاي،  والطبيخ رز، أسامي عجيبه، والي اعجب ويهوّل سرج تشب بليّا قاز (أي إضاءة كهربائية)، وحديد في الجدار يصب ماء ( اي ماء من حنفية، صنبور)، وحديد في السقف يهب هواء (أي مروحة)، ونشدنا مطوعهم (أي سألنا رجل الدين) عسى مهوب هذا سحر ؟ وقال لا هذا كرهب ( اي كهرباء)، وفي ذمته أي على مسئوليته.  واشتغلنا من يوم وصلنا، وعندهم نعم كثيره، عندهم تمر يتصارخ من زينه، اللهم إرزقنا شكر نعمك التي لا تعد ولا تحصى واحفظها من زوال .إنتهى النص!
والرسالة طريفة بصراحتها ووضوحها في وصف مدى قسوة الحياة حينها، وشظف العيش، وقلة المعرفة بمستجدات الحضارة ومخترعات العصر.
ويمكن قراءة المزيد عن هذه الهجرات والتحولات بالرجوع لكتاب "إمارة الزبير بين هجرتين"، للباحثين عبدالعزيز عمر العلي وعبدالرزاق عبدالمحسن الصانع (1985).
 
وفي كتاب "رحلة خواجه حسن نظامي الدهلوي" للرحالة الهندي "حسن الدهلوي"، الصادر بتاريخ 1911، والذي قام المجلس الأعلى للثقافة في مصر بترجمته بعد مائة عام تقريبا من صدوره، وردت المقتطفات، أو النصائح الطريفة التالية التي يقدمها لأهالي وطنه من الحجاج الهنود المسلمين الذي يفدون للمنطقة، حيث يقول:
"..يجب على الحجاج ( ولم يوضح عن أي حج يتكلم) أن يذهبوا بأنفسهم لمشاهدة الفندق قبل النزول فيه، ولا يضعون في اعتبارهم ديانة صاحبه، سواء كان مسلما نصرانيا، أو يهوديا، لأن اصحاب الفنادق من المسلمين عادة ما ينهبون الحجاج، كما أنهم لا يقدمون لهم سبل الراحة اللازمة، وقد يقول المرشد أو المزور أن اصحاب الفنادق المسلمين يهتمون بتهيئة سبل الصلاة، فلا تذهبوا لفنادق النصارى، ولكن هذا مجرد خداع، لأن هؤلاء الناس يأخذون نسبة معلومة من اصحاب الفندق مقابل كل نزيل يأتوا به إلى الفندق، علما بأن فنادق اليهود والنصارى تقام فيها الصلوات بحرية تامة، كما أن فنادقهم أفضل من فنادق المسلمين.
ويستطرد قائلا
بأنه

يقدم هذه النصائح لابناء وطنه من المسلمين لكي يتجنبوا المحتالين.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top