محمد رفيع والجندي المجهول

نشرت القبس، خلال عطلة الأعياد، مقالاً ما كنت أود أن ينشر في حينه، تعلق موضوعه بسيرة المرحوم محمد رفيع معرفي، وكثير وكبير أعماله الخيرة، وخاصة ما تعلق منها ببناء المستشفيات والمدارس في مختلف الدول، من منطلق إيمانه بحاجتنا للصرف على التعليم على الصرف على بناء دور العبادة. فنحن نستطيع أداء كل الفرائض الدينية تقريبا في البيت، من دون واسطة وكبير مساعدة من أحد، ولكن يستحيل علينا تقريبا تلقي العلاج في غير المستشفى بمساعدة أطباء، أو تلقي العلم بغير الذهاب إلى مدرسة بها مدرسون ومناهج دراسية وأدوات ونظام تعليم.
وبالرغم من تزامن نشر المقال مع العطلة، ووجود الكثيرين في الخارج، فإن الاستجابة كانت أكبر مما توقعت. فقد اتصل صديق، ورجل أعمال معروف، وأبدى استعداده لصرف مبالغ كبيرة على أي مشاريع خيرية أرى أنها تساهم في نشر العلم والمعرفة. كما اتصل قارئ، وأبدى أيضا استعداده للصرف على أي مشاريع تتعلق بالتعليم، وأنه مصدوم من كل هذا الصرف على بناء وتزيين وزخرفة دور العبادة، ومدارسنا، التي أحوج ما نكون لها، تبدو بكل تلك الكآبة وسوء المنظر.
سيرة الرجل الكريم محمد رفيع معرفي جديرة بالاطلاع، وخاصة من النشأة، لمعرفة ما قاساه الجيل، الذي بنيت الكويت على أكتافهم، وكيف كوّن الشرفاء ثرواتهم، وكرسوا جزءا كبيرا منها لأعمال الخير وتقدم المجتمع، وكان آخرها قرار ورثته بناء ثلاث مدارس في منطقة فقيرة في باكستان، وإطلاق أسماء «عبدالحسين عبدالرضا ووليد العلي وفهد الحسيني» عليها.
***
ظهرت فكرة إقامة نصب الجندي المجهول بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة، عندما اكتشف الحلفاء أن الكثير من جنودهم لقوا حتفهم دفاعاً عن أوطانهم، ولكن ليس من الممكن التعرف على رفاتهم. ولتكريم ذكرى هؤلاء، قررت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة تخليد ذكرى هؤلاء الجنود بطريقة خاصة، وذلك بدفن جندي مجهول رمزياً في عاصمة كل دولة منها، وبناء نصب تذكاري حوله، والاحتفال بالمناسبة في يوم محدد من كل عام.
وعلى الرغم من أن الكويت فقدت الآلاف من رجالها ونسائها في معارك الدفاع عن الوطن، بدءاً من معركة الجهراء التاريخية، وما سبقها وما لحقها من مواقع، مروراً بشهداء القوات الكويتية، التي شاركت في حرب 1973، وشهداء الاعتداءات العراقية على الحدود الكويتية، ومنها مخفر الصامتة، وصولا للغزو والاحتلال الصدامي للكويت، فإن كثيرين ممن وقعوا قتلى دفاعا عن الكويت لم يستدل على رفاتهم. وبالتالي نحن بحاجة إلى تكريم ذكرى أولئك الجنود المجهولين، الذين سقطوا دفاعا عن الوطن، من خلال بناء نصب تذكاري في ساحة الصفاة، مثلاً.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top