البرتغال والبرتقال

تعتبر البرتغال أكثر دول الاتحاد الأوروبي، «الغربية» تواضعا في قدراتها الاقتصادية، وضعفا في الصناعة، وقد تكون الوحيدة بينه التي لا توجد بها مثلا صناعة سيارات أو حتى مصنع تجميع. وربما لهذه الأسباب ولجمال مناخها وروعة مدنها، أصبحت قبلة لسكن المشاهير والفنانين واللاجئين السياسيين، من اصحاب الثروات، إضافة لسهولة قوانينها، واستعدادها لمنح من يشتري فيها عقاراً بما لا يقل عن نصف مليون يورو «الفيزا الذهبية» التي تتحول بعد سنوات قليلة إلى إقامة دائمة مع إعفاءات ضريبية عدة.
عرف المرحوم جاسم البحر مقومات البرتغال السياحية قبل غيره، فاستثمر في منطقة الغارف، والتي أصبحت بفنادقها وفللها وملاعب الغولف فيها، قبلة للكثيرين. كما يجذب نظام البناء القديم والجميل الكثيرين لزيارة العاصمة لشبونة، أو «لزبوا»، كما تلفظ في البرتغالية، القريبة من الأسبانية.
وكان للبرتغاليين دور في «طيحان حظ» منطقة الشرق الأوسط، أو التقليل من اهميتها للعالم، لولا ظهور النفط فيها بعد خمسة قرون. فبعد ستة أعوام من سقوط الأندلس، اكتشف البحارة البرتغالي فاسكو داجاما في عام 1498، طريق رأس الرجاء الصالح، فقد تسبب ذلك في فقد منطقة الشرق الأوسط أهميتها، بعد أن اصبحت السفن التجارية تتجنبها، فأثر ذلك فيها وعزلها عن العالم، وغابت عنها أفكار العالم وتطوراته وتقدمه، وبالتالي فقدت روح التغيير، ولا تزال. وفاقم اوضاع المنطقة سوءا بعدها قدوم العثمانيين للمنطقة كمحتلين عام 1516 وغزوهم مصر وبلاد الشام والعراق وبلاد المغرب، باسم الدين. وعاش العرب أكثر من اربعة قرون تحت حكم واحتلال هو الأشد والأكثر تخلفا، مقارنة بالاحتلالين الإنكليزي والفرنسي.
نعود للبرتغال ونقول ان عاصمتها الرائعة الجمال مبنية، كالعاصمة عمان، مع الفارق، على سبعة تلال مترابطة تجعل السير فيها وبينها ممتعا، على الرغم من مشقته. فالسير في طرقات المدينة وزواريبها، و«زنقاتها»، خاصة عندما يكون الطقس ملائما، متعة رائعة. كما أن المطبخ البرتغالي أكثر تنوعا وغنى مقارنة بالأسباني، خاصة مع «الماتوس». وتوجد في لشبونة مطاعم عالمية تقارب نظيراتها الأوروبية شهرة، وبنصف التكلفة.
بسبب تسهيلات الإقامة الجديدة، وانتقال طباخين شهيرين للعيش في لشبونة، وافتتاح مطاعم شهيرة فيها، واختيار مشاهير وفنانين مثل مادونا للعيش في منتجعاتها القريبة من العاصمة مثل «كشكايش» و«أشتوريل» وما تتمتع به البرتغال من شواطئ رملية على مئات الكيلومترات، فقد ارتفعت فيها أسعار العقار، في السنوات القليلة الماضية، لمستويات غير مقبولة بحيث أصبح سعر المتر يتجاوز العشرة آلاف يورو في العاصمة وأقل من ذلك قليلا في المدن الساحلية الكبرى.
والطريف أن اسم البرتغال روماني ويعني «ميناء كال» portues cale، ولا علاقة للتسمية بوفرة اشجار البرتقال فيها، كما يعتقد بعض العرب، السذج.

 

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top