العرب بعيون فارسية

كتب الكاتب حمد الحمد مقالاً في مدونته بعنوان: صورة العرب في الأدب الفارسي، ذكر أنه استقى نصه من كتاب بعنوان «أصفهان نصف جهان» للكاتب الإيراني السوداوي صادق هدايت، الذي انتحر في باريس عام 1951، وسبق أن ترجمت الأستاذة زبيدة أشكناني قصته الشهيرة «البومة العمياء» للعربية.
يقول الحمد: أنا من عشاق أدب الرحلات، وقد استمتعت بقراءة هذا الكتاب الصادر عن دار نشر «مسارات»، حيث وجدت فيه مُتعة في وصف رحلة الكاتب من طهران إلى أصفهان، التي لم يعرفها هدايت من قبل، بعد أن استقال من عمله. يتبين من السرد أن لهدايت نظرة سلبية للعرب ولرجال الدين الشيعة عموما ولليهود (بسبب ميوله «الآرية»). وليس صعبا ملاحظة ذلك من قراءة الكثير من فقرات الكتاب، الذي سبق أن أشار الناشر في مُقدمته إلى أن كاتبه ينطلق من نزعة قومية واضحة نلمس تجلياتها في إعجابه بالفن الفارسي، وذكره لكلمات وجُمل هنا وهناك تنتقد كل ما هو عربي، ومع ذلك يوصي بتعلم العربية.
يقول هدايت إنه عندما شاهد سحلية في الطريق: رأيت شيئا قد يكون ضبا أو جربوعاً أو سمندرا أو حرباء، وهنا خطرت لي فكرة أن سبب هجوم العرب على إيران هو الطمع بهذه الزواحف. وفي فقرة أخرى يقول إن سبب تسمية منطقة شهيرة قريبة من اصفهان باسم «مورشه خارت» يعود لأسطورة شعبية، هو لا يؤمن بها، تقول انه عندما وصل جيش الإسلام إليها، أعطي الأمر للنمل لأكل حوافر خيلهم!
وفي مقطع آخر يسخر الكاتب من مجنون ليلى العربية، ويذكر أوصافا سيئة تتعلق بسنوات الجدب والقحط، مع ذم مباشر لكل ما هو غير فارسي. ويقول ان كل الفنون كالهندية والمغولية والعربية، المعروفة عند الأوروبيين، ما هي إلا إبداعات إيرانية، وان العرب، بأقدامهم العارية، المهرولين خلف السحالي، أو الضباب، لا يمكن أن ترسخ فنون العمارة في عقولهم، وكل ما هو معروف عنهم من منجزات يعود لأمم أخرى، وما العمارة العربية إلا نموذج سيئ للعمارة الإيرانية.. إلى آخر ذلك من كلام يبين عداء المؤلف لرجال العرب الذين احتلوا بلاده وغيروا من هويتها.
ويختم الحمد مقاله بالقول: اننا بحاجة، من فترة لأخرى، لأن نعرف نظرة الآخرين لنا، حتى لو كانت سلبية وغير مقبولة.
ولكن الحقيقة أن شعوب الأرض كلها تقريبا لها مواقف بعضها من بعض، وترفض عادات وتقاليد واساليب حياة الآخرين، حتى لو كانوا من نفس الدين والمذهب والجنسية، والأمثلة اكثر من ان تحصى، وبالتالي يجب عدم الشعور بالغضب لما ذكره هدايت في كتابه، حيث اننا جميعا تقريبا لنا آراء ومواقف مقاربة في السوء من الإيرانيين، وبقية البشر الآخرين. حتى في الكويت، نحن يسخر بعضنا من بعض ومن العرب الآخرين، وأحيانا بطريقة لا تخلو من العنصرية والتعالي، وهذا أمر يعود لضعف ثقافة المجتمع، ولكن يستحسن التصدي للأمر برفع مستوى الفرد، ومحاربة التعصب ضمن مناهج التربية.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top