الرواتب وليس مصاريف الضيوف
دار لغط شديد حول المصاريف التي تكلفتها الدولة خلال فترة إقامة القمة الخليجية الـ38. وحملت وسائل التواصل كمّاً من الانتقاد للجهات المعنية بسبب ما صرف من مال على المناسبة. وقبل كل شيء، يجب توضيح أمرين مهمين: أولاً، هذا المقال ليس دفاعاً عن جهة أو شخص بقدر ما هو وجهة نظر شخصية. وثانياً، لو نجحت بالصورة التي كنا نتمناها، لما التفت أحد لحقيقة ما تم صرفه.
واضح أن القمة عقدت بشكل سريع للحاجة الملحة، وقصر وقت التحضير لها، أجبرا الجهات المعنية على دفع مبالغ أكبر مما يفترض في الأحوال العادية. ولو أخذنا مثال حجز فندق خمس نجوم لإقامة ضيوف المؤتمر، لتبين لنا أن هذا الفندق لم يكن يعرف حتى قبلها بيوم واحد بأن هناك قمة مهمة وحساسة يتم التحضير لها. وبالتالي، كان يتعامل مع حجوزات غرفه وصالاته بشكل طبيعي، وعندما طلب منه إخلاء الفندق كاملاً، وفوراً، قام بإلغاء كل حجوزات الحفلات والأعراس والغرف والمطاعم، وطالب الجهة المنظمة، وهذا من حقه، تعويضه عما خسره من إلغاء تلك الحجوزات والمبيعات. ذات الشيء سرى تقريباً على بقية الأمور الأخرى. ومن هنا ندرك أن الأمر لم يتضمن مبالغات، لم يخل قليل منها، بقدر ما تطلب الظرف القاهر دفع مبالغ مضاعفة للحصول على الخدمة المطلوبة.
المشكلة ليست في مبالغ قمة تجري مرة كل 6 أو ثماني سنوات، بل الهدر يكمن في مكان آخر، مثل الرواتب والدعم في ميزانية الدولة، على الرغم من انخفاض دخلنا من البترول إلى النصف. فالدولة تتحمل سنوياً ما يقارب 40 مليار دولار رواتب لأكثر من 370 ألف موظف، %70 منهم على الأقل لا حاجة لوجودهم في الوظيفة! كما أن هناك فوارق ضخمة جداً بين رواتب وزارة وأخرى، فرواتب 20 ألف موظف في القطاع النفطي توازي ما يتقاضاه 117 ألف موظف في وزارة التربية، والهوة في اتساع مستمر، والمسؤول عن هذا هو وزير النفط السابق محمد البصيري، ممثل الإخوان حينها في الوزارة.
كما تدفع الحكومة أكثر من 15 مليار دولار أخرى لدعم أسعار الكهرباء والماء والخبز، وسلع وخدمات أخرى.
كما أن هناك مشكلة في ازدواجية جهات حكومية كثيرة. فالدولة بالفعل ليست بحاجة إلى المجلس الأعلى للمرور؟ كما أنها مطالبة بدمج مكتب الشهيد مع اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين. ولا أدري لماذا لا يدمج الجهاز المركزي للمعلومات مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط مع الإدارة المركزية للإحصاء، ووزارة التخطيط؟
وماذا عن مشروع دمج برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة مع هيئة القوى العاملة؟ ولماذا لا تلغى الهيئة العامة لطباعة القرآن، التي تشبه في وضعها لجنة أسلمة القوانين، غير المأسوف عليها؟ ولماذا لدينا مركز للتدريب أثناء الخدمة، ومركز وطني لتطوير التعليم، وجهة ثالثة لاعتماد مستويات المهارة المهنية؟
هذه هي الأمور التي يجب على النشطاء في وسائل التواصل الالتفات إليها والاهتمام بها، بدلاً من الاهتمام بارتفاع إيجار سيارة أو المبالغة في مصاريف ضيوف القمة!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top