مصيبة «الكويتية»

أخيراً، وبعد انتظار لم يطل كثيرا نجحت هيئة الاستثمار، بدعم غير محدود من وزير المالية نايف الحجرف في اختيار مجموعة قد تكون أفضل ما تم اختياره حتى الآن من ناحية الخبرة العملية والتاريخ الوظيفي المناسب والسيرة النظيفة، لإدارة «الخطوط الكويتية» للسنوات الثلاث المقبلة.
كثيرون تساءلوا عن سبب خلو مجلس إدارة الكويتية الجديد من خبراء في الطيران، بخلاف الرئيس يوسف الجاسم (1948) المجاز في الاقتصاد (1971)، الذي سبق ان تقلد مناصب في الكويتية منذ التحاقه بها بعد تخرجه، وحتى 1997، عندما تركها وهو نائب للمدير العام فيها، وعاد إليها عضواً في مجلس الإدارة مرتين، إضافة إلى خبرة عضو مجلس الإدارة الجديد عادل اليوسفي، الذي سبق أن كان عضواً خلال فترة رئاسة سامي النصف للشركة، الذي أقيل من الرئاسة بطريقة متعسفة.
من الأمور المعروفة أن مجلس إدارة أي شركة ضخمة يعتبر مسؤولاً أمام المساهمين (الدولة) عن استراتيجية الشركة العامة وأدائها. ويقوم بتوجيه نشاط الشركة وأعمالها، واتخاذ القرارات ضمن نطاق مسؤولياته مع المدير التنفيذي الــceo الذي تقع عليه مهمة تنفيذ رؤية الشركة ورسالتها وأهدافها التي وضعها مجلس الإدارة.
كما يقوم المجلس باعتماد الميزانية السنوية للشركة واتخاذ القرارات المهمة المتعلّقة بها واختيار المديرين التنفيذيين، والتحكّم في النفقات الرأسمالية وتوزيعات الأرباح، والأهم من ذلك مراقبة سلامة نظم الرقابة الداخلية ونظام التقارير.
وبالتالي، نرى أنْ ليس من مهام مجلس الإدارة إدارة الشركة بصورة يومية والتدخّل في كل صغيرة وكبيرة، بل هي مهمة المدير التنفيذي الذي تقع على عاتقة هذه المهام، ويكفي أن تتوافر في مجلس الإدارة القدرة والخبرة على اختيار الرئيس التنفيذي المتخصص ومساعديه واستشاريي الشركة الكبار ليكون مجلسا ناجحا، وهذا ما أراه شخصيا في المجلس الجديد الذي يتمنى له كل مخلص محب لهذا الوطن النجاح في مهمته.
مشكلة «الكويتية» تكمن جزئيا في شعور مليون و400 ألف مواطن بأنها شركة أبوهم، وهو الشعور الذي ساهمت مختلف الإدارات السابقة في تنميته. كما انها كانت ملزمة، تاريخيا، على إرضاء رغبات ما لا يقل عن 500 شخصية متنفذة وسياسية، ورفض طلب أي منهم تعني المساءلة والعداوة والاتهام بعدم التعاون، خاصة في مواسم السفر. وبالتالي نرى أن نجاح الكويتية يمكن أن يتحقّق بأمرين مهمين، إضافة إلى أمور كثيرة أخرى أقل أهمية:
الأول: ضرورة اختيار مدير تنفيذي غير كويتي، أكرر غير كويتي، وغير محسوب على أي جهة كانت، ومؤهلة بصورة عالية لتنفيذ سياسة الشركة، لا يقبل بأي تدخّل في أعماله.
الثاني: أن تحدّد الحكومة في أسرع ما يمكن موقفها من الشركة، ليمكن لمجلس الإدارة بالتالي العمل على هذا الأساس.
فهل ترغب في جعلها شركة طيران رائدة تحمل علم الوطن وتصبح الناقلة الوطنية، بأقل تكلفة ممكنة على المال العام.. أم تحضيرها للخصخصة وبيعها كليا أو جزئيا للقطاع الخاص؟
وأعتقد أن التساهل مع أي من الأمرين أعلاه، واختيار مدير تنفيذي محلي، يعنيان «لا طبنا ولا غدا الشر».

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top