السيدة الجميلة.. والجمعية الأجمل

ذهبت سيدة لسحب مبلغ من البنك، فوجدت أن من استخدم آلة الصرف قبلها قد نسي أخذ نقوده منها. ذهبت إلى مدير البنك وسلمته مبلغ الـ500 دولار التي وجدتها، وطلبت منه إعادته الى صاحبه. في اليوم التالي اتصل المدير ليخبرها بأن المبلغ يعود لعميلة كبيرة في السن وشبه معدمة، ويمثل إيجار بيتها البالغ 480 دولاراً، وانها تبرعت لها بمبلغ 20 دولارا لأمانتها، وهو كل ما تبقى لديها!
تأثرت السيدة كثيراً بتصرف المرأة العجوز، التي بالرغم من فقرها لم تتخل عن كرمها. بعد أن مسحت دموع التأثر قامت بالاتصال بمدير البنك، وطلبت منه تحويل مبلغ 200 دولار من حسابها إلى حساب السيدة العجوز. سمع أحد موظفي البنك بمضمون المكالمة، فتبرع هو أيضا بمئة دولار، وخلال دقائق شارك بقية موظفي الفرع في التبرع، وجمعوا 300 دولار للعجوز. لم تصدق السيدة كيف أثر تصرفها في دفع الآخرين الى إخراج أحسن ما فيهم من خلق، واكتشفت من كل ذلك أنه ليس مهماً مقدار ما يجب أن نعطي أو نتبرع به، كبيراً كان أم صغيراً، فالعطاء الصادق سيملأ حياتنا حتماً بالرضا والسعادة.
في 22 يناير الماضي، ورداً على عشرات الرسائل، الصادقة أو الكاذبة، التي تردني شهرياً تطلب مساعدة ما، وخاصة لمرضى صغار ينامون في المستشفيات، كتبت مقالاً، طالبت فيه القراء مشاركتي في تأسيس جمعية يكون هدفها إعانة الفئات الأقل حظاً في المجتمع، وخاصة غير القادرين على سداد مصاريف علاجهم في المستشفيات. وذكرت في المقال أنني سأتبرع للجمعية، إن تأسست، بمبلغ 50 ألف دينار!
خلال ساعات قليلة من نشر المقال وردتني رسائل وكتب رسمية ومكالمات من الكثيرين، غمرتني جميعها بسيل من العرفان والامتنان لجميل كرمهم، واكتشفت من خلال كل ذلك مدى جمال الحياة. أتذكر من هؤلاء يحيى البسام، ومنيرة المطوع، وعبدالعزيز السلطان، وسعود العرفج، وأنور السلطان، وخالد حمدان السيف، وفيصل السلطان، وجمعية سلطان التعليمية، وجورج عودة وجاسم محمد عبدالوهاب، وغيرهم ممن لا يتسع المجال حقيقة لذكر أسمائهم جميعاً، سواء من تعهدوا بالتبرع بالمال أو بالوقت والجهد والخبرات القانونية والمحاسبية والإدارية للجمعية.
اليوم صدر قرار إشهار الجمعية، التي أصبح اسمها «الصداقة الكويتية الإنسانية»، التي سنسعى الى أن تكون نموذجية في عملها وأهدافها وبعدها الإنساني البعيد عن الاستقطابات الدينية والمذهبية والعرقية. كما ستكون مثالاً في الشفافية والحرص على المصداقية، وعوناً لكل محتاج في وطننا الجميل.
وستكون أنشطتها ومناسباتها الاجتماعية القادمة ومساعداتها عاملاً حيوياً في رفع المعاناة عن الكثيرين، وفي تحسين صورة الكويت في العالم، وأداة تسهيل لحياة المقيم في وطننا.
سنسعى الى أن نكون دوماً جزءاً من هذه الجمعية من دون أن يكون لنا دور مباشر في إدارتها، كما سبق ان ذكرنا في مقال يناير 2018.
في الختام نتقدم بوافر الشكر للسيدة وزيرة الشؤون على مساعدتها وثقتها في فكرة مشروعنا، وللسيدة منيرة الكندري، وللواء منصور العوضي الذي ساعدنا كثيرا في إنهاء المعاملات الأمنية، وللمقدم خالد الطمار، من مكتب الوكيل، ولكل من سهل صدور ترخيص الجمعية في وقت قياسي.. تقريباً.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top