حافظوا على رجال الكويت

أستطيع القول بكل ثقة إن غالبية استجوابات الوزراء في مجلس الأمة، خاصة في السنوات الأخيرة، أصبحت اشبه بالمسرحيات السمجة، التي تتسم بقدر من الشخصانية، لتعلق غالبيتها بمصالح النواب المستجوبين. وقد خسرت الكويت كفاءات وزارية كبيرة نتيجة هذه الاستجوابات، إما بدفع الوزير المستجوب للاستقالة، بعد تخلي الحكومة عنه، أو بالاساءة الشخصية لهم، وتشويه صورتهم، أو بتثبيط هممهم، وبالتالي التوقف عن الإنتاج. وأتذكر في هذه العجالة استجوابات عادل الصبيح ويوسف الإبراهيم، وأحمد الربعي، ومساعد الهارون، ونورية الصبيح، وعبد المحسن المدعج، وهند الصبيح، وغيرهم، وهم من الكفاءات المشهود لها بالعمل الجاد والسيرة الجيدة واليد النظيفة، وتعرضوا لكل هذا الأذى لأنهم أصروا غالبا إما على تطبيق القانون أو عدم الانصياع لابتزاز النواب المستجوبين.
والمؤسف أن هذه المسرحية الممجوجة قد تتكرر اليوم مع الاستجواب المقدم من النائبين الحميدي السبيعي، ومبارك الحجرف، لوزير التجارة والصناعة الشاب خالد الروضان، وسعيهم غير المبرر للإطاحة به، ربما لأنه يعمل أكثر من غيره.
يمكنني الادعاء، من موقع خبرتي التجارية وتجاربي المريرة مع وزارة التجارة، على مدى اكثر من نصف قرن، بأن ما لمسته عن كثب، وما شاهدته من تطور إداري في وزارة التجارة أو في هيئة الصناعة أمر يستحق الإشادة. فقد سهلت إجراءات الوزير وإصلاحاته على قطاع كبير من المواطنين والمقيمين وأراحتهم، ووفرت الكثير من وقتهم. فقد تناقصت الفترة المطلوبة لتأسيس الشركات من بضعة اشهر لساعات، بعد أن ألغيت الكثير من المتطلبات السابقة السخيفة. كما أصبح بالإمكان تأسيس شركة الشخص الأحد، والحصول على ترخيص مزاولة عمل تجاري بسيط من البيت.
وشمل التطوير كل قطاعات الوزارة التي لها علاقة بالجمهور، وأصبح بالإمكان تسجيل علامة تجارية في فترة قياسية، بعد ان كان يأخذ اكثر من سنة. وأصبح عقد جمعيات الشركات المساهمة المقفلة سهلا وغير خاضع لسطوة ومزاج موظفي الوزارة.
كما نجح الوزير الروضان في وضع الكفاءات الشابة في المراكز القيادية، من أمثال إبراهيم الكندري في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وعبد الكريم تقي في هيئة الصناعة. ونجح كذلك، من واقع سابق معاناته مع وزارة التجارة، في القضاء على مختلف اشكال الإجراءات الروتينية المنهكة للموظف والمراجع، واعتمد تطبيق مركز الكويت للأعمال، أو نظام «النافذة الواحدة». وسهل كثيرا في معاملات زيادة رأسمال الشركات. كما نجح الرجل في فترة قياسية في زيادة رقابة الوزارة على المخالفات، بحيث ارتفع عدد القضايا التي رفعتها الوزارة على المخالفين لأعداد غير مسبوقة، وسهل في عملية التبليغ عنها، والأهم من كل ذلك نجاح فريقه في إدخال الميكنة، أو إنهاء إجراءات المعاملات بنظام الأونلاين online، وهذا سهل على الجمهور، ودفعهم الى إنهاء معاملاتهم بطريقة متقدمة وحضارية، وبعيدا عن مقولة «تعال باجر». كما ساعد ذلك في محو «أمية الكمبيوتر» لدى الكثيرين.
وعليه سيكون محزناً فقد كفاءة أخرى، إن نجح المستجوبون، وهذا ما لا نتمناه بالطبع.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top