المملكة.. وسياسة الصدمات

لا يمر يوم من غير أن نرى ونسمع تغييراً هائلاً، وجميلاً بمعنى الكلمة، في المملكة! تغييرات تشمل التعليم والسياسة ومحاربة الإرهاب، ونشر ثقافة جديدة، والانفتاح على العالم! إن ما يحصل فيها منذ ما يقارب السنتين أمر لا يصدق، وكان غريبا حتى التفكير فيه. ففي سؤال لعضو الكونغرس الأميركي سكوت بيري scott perry، موجه الى المسؤول الأول في الخارجية الأميركية عن موقف حكومته من السعودية، وما اتفقت عليه معها عن ضرورة محاربة الأصولية الدينية، ومدى تقيد حكومة المملكة بذلك، قال المسؤول الأميركي ان إحدى نتائج زيارة الرئيس ترامب التاريخية للرياض، تمثلت في افتتاح مركز مكافحة الخطاب الديني المتطرف، وان المركز يعمل الآن بشكل جيد، ويتبع عددا من وسائل محاربة التطرف حول العالم، وسبق أن تفقدت الخارجية الأميركية إحداها، التي تعلقت بطباعة ونشر وتوزيع كتب دراسية وتعليمية جديدة لاستخدامها في التدريس في المدارس التابعة للمملكة، أو التي تمولها وترعاها، والمنتشرة حول العالم، والتي تروج للفكر المتطرف الذي يبرر العنف. وان الخارجية طالبت حكومة المملكة، ليس فقط بتطبيق تدريب الكتب الجديدة، بل والحرص على سحب وتسليمهم الكتب القديمة. كما أن مركز محاربة الأصولية سيغطي نطاقا واسعا جدا في وسائل التواصل الاجتماعي وسائل الإعلام الأخرى، وشرح في كيفية تدريب الأئمة والشباب في مراكز التعليم الإسلامية، وان الوزارة تعمل معهم على تثبيت تأسيس المركز الجيد، بما في ذلك وضع المعايير، التي ستُحاسب عليها، وهي إحدى المهام التي تعمل عليها الخارجية مع حكومة المملكة. تحدث كل تلك الزوبعة الفكرية على أبواب دولتنا، فهم عرفوا مصدر الخطر، وقاموا ليس فقط بمحاربته، بل والسعي الى اجتثاثه من جذوره، وما نراه من تراجعات فكرية من قبل عتاة رجال الصحوة إلا مثال بسيط على التغيير الذي أصبحنا نراه، والذي وصل تأثيره إلينا، عندما خرج علينا قبل ايام أبو السنابل ليبارك للشيعة برمضان بعد ان اصبح في آخره تقريبا، وأن يأتي الخير متأخراً خير من ألا يأتي أبداً، ولكن من انقلب على سابق مواقفه التي تمسك بها لعدة عقود، لن يتردد في التخلي عن الجديد منها تالياً. إننا بحاجة في الكويت الى اجتثاث جذور التطرف، خاصة تلك التي تمثل منظمات عالمية سبق أن وصمتها دول صديقة بأنها منظمات إرهابية، وكل من يعتقد بعدم وجود خطر من هؤلاء واهم حتماً. كما أن السكوت الحكومي غير المبرر على قيام مثل هذه الأحزاب بجمع مئات ملايين الدنانير سنوياً، من دون ان نعرف بدقة كافية أين تذهب تلك الأموال الهائلة أمر مثير للحيرة. ففي أكبر جمعيتين دينيتين والفروع التابعة لهما، يتم سنويا جمع مئات ملايين الدنانير في صورة تبرعات مختلفة، والسؤال: اين تذهب هذه الأموال؟ وما هي مصارفها؟ ولماذا لا تقوم جمعية واحدة على الأقل بنشر تقاريرها المالية ليعرف كل من هو في وضعنا حقيقة أنشطتها بدلاً من ترك الأمور للقيل والقال؟

أحمد الصراف 



الارشيف

Back to Top