الزميل عبدالمحسن وصديق آخر

أعترف بأني كلما قرأت ما يكتبه الزميل عبدالمحسن الجارالله الخرافي في القبس أشعر بالفرح والفخر لنوعية شعبنا وأصالته وطيبته وكرمه وعفته ونقائه وورعه وتقواه وكرمه ونخوته عند الشدائد. أنا، سناً، أكبر من الأستاذ عبدالمحسن، وأدعي بأنني رأيت بقدر ما رآه في هذه الحياة، وخالطت كل أطياف المجتمع الكويتي، مصرفيا وصحافيا، وبين هذه وتلك، كنت تاجرا لما يقارب الستين عاما، ويؤسفني القول الكويتيين، بالرغم من تميزهم بالكثير من الأمور، وهذا موضوع مقال قادم قريبا، فإن الصفات التي يصف بها بعض من يقوم بنعيهم أو الإشادة بهم لم تكن تخطر على بالي من واقع معرفتي وسابق اختلاطي وتعاملي مع الكثير ممن تكرم بنعيهم. فالزميل الجارالله، وهذا جميل منه، لا يتردد في إطلاق كل الصفات الحميدة على من ينعاهم، مصورا الكويتيين وكأنهم شعب من الملائكة الاتقياء، وليس بيننا شياطين ونصابون وممن اشتهروا بالبخل وسوء معاملة الغير. ولو عدنا لتاريخ انهيار سوق المناخ في بداية الثمانينات لوجدنا قصصاً يشيب لها الولدان، وحتى الصلعان. فقد رأينا كيف خان الصديق صديق عمره، وكيف سجن الأخ شقيقه، وكيف اشتكى الابن أباه، وكيف أكلت الأخت رصيد حساب أخيها، أو العكس، وكنت إحدى الضحايا، ومن غدروا بي غادر أحدهم دنيانا، ولا يزال الثاني يتمتع بما سرقه مني، وهو يقرأ مقالي هذا! يصف الأخ عبدالمحسن أحد هؤلاء بقوله إنه ورع وتقي، عاش حياته مطمئنا مرتاح البال، ساكن النفس، ودعاؤه مستجاب، لكونه محبا للخير للآخرين (طبعا للآخرين، فهذا تحصيل حاصل!!)، والسؤال: كيف عرف أنه عاش مطمئنا مرتاح البال ساكن النفس؟ إن تاريخ الكويت والكويتيين مليء بقصص حقيقية تتعلق بالنخوة والكرم، ولا ينكر ذلك إلا جاحد، ولكن تصويرهم بكل الصورة البراقة وشبه الخيالية أمر آخر!

***

أخبرني صديق وقارئ أنه قاوم طويلا فكرة استخدام وسائل التواصل (الواتس اب)، ولكن مع إلحاح الأصدقاء والأهل، ورغبة من هؤلاء في عدم الصرف على مكالمات هاتفية، مع وجود وسيلة اتصال مجانية، رضخ لرغباتهم، ويا ليته لم يفعل. مرت الأشهر الأولى بسلام، وكان هاتفه بالكاد يرن وهو خارج الكويت، أما وهو في الداخل فلم يكن يرد على أي مكالمات واتس أب. ثم عرف «رواد الديوانية» أو بعضهم، أن لديه خدمة الواتس أب، وخلال يوم واحد وردته أكثر من 160 رسالة من «صديقين» فقط! واحتار فيما يجب عليه القيام به إزاء ذلك «الكرم» غير المستحب من الرسائل. فلا وقت لديه أصلا ولا مقاقة أو خلق لقراءة كل ذلك الكم من الرسائل ومشاهدة الفيديوهات وسماع النكت السخيفة، ولكنه من جانب آخر لم يكن يود تجاهل رسالة خاصة مندسة بينها، ويشطبها مع بقية المواد بطريق الخطأ، ثم يعرف الطرف الآخر بذلك «فيأخذ على خاطره»، وهو لا يود أن يظهر بصورة المتكبر أو المتعالي على ربعه! ونيابة عن صديقي وعن نفسي، أتمنى من جميع مستخدمي رسائل الواتس أب التقليل من إرسالها لأقصى درجة ممكنة، سواء كانت «تسوى أو لا تسوى»، فقد عشنا حياتنا من دون الواتس أب فلم نخسر شيئا، وبالإمكان الاستمرار بغيره، أو على الأقل أن نجعل الخدمة نعمة وليس نقمة، ووسيلة ترفيه وفائدة، بدلا من أداة تعذيب وتضييع وقت!

أحمد الصراف 

الارشيف

Back to Top