غموض الهيئة الخيرية الإسلامية

كان من المفترض نشر هذا المقال يوم الخميس الماضي، ولكن رغبتنا في الكتابة عن الانتخابات الرئاسية في تونس، في اليوم نفسه، والتي ستجري اليوم، حالت دون ذلك، فالمعذرة لسوء الفهم.

***

تأسست الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية عام 1984، كهيئة مستقلة. وبالرغم من تعدد أنشطتها، فإنها لم تخرج عن النطاق التقليدي في تقديم العون للمحتاجين في مختلف أنحاء العالم، وهذا ما تدعي كل الجمعيات المماثلة القيام به، وبالتالي لا أعرف مبرراً لقيام هذه الهيئة. تم اختيار الكويت مقراً لها كونها الدولة التي استضافت حينها أحد اجتماعات مؤتمر إسلامي عقد في الكويت، وكانت المتبرع الأكبر في رأسمال الهيئة. توالت على إدارة الهيئة منذ تأسيسها شخصيات بارزة، ولكن كأي نشاط ذي طابع حكومي فقد أصابها الترهل مع الوقت. أدى غياب الرقابة وعظمة الأرصدة التي تقع تحت أيدي مسؤولي الهيئة إلى أن يزيد اللغط حول وقوع عمليات فساد وإفساد فيها طالت بعض مشاريعها، الكلاسيكية في أغلبيتها، وكان آخرها اتهام أحد أعضاء الهيئة بالاستيلاء على أرض منحتها حكومة أذربيجان لها لبناء مركز إسلامي عليها، وتسجيلها باسمه. يدير الهيئة مجلس إدارة مكون من رئيس كويتي وأعضاء من السودان والسعودية وقطر وتشاد وجنوب أفريقيا وباكستان، وكوسوفو وعمان ونيجيريا والهند وإيران وأندونيسيا وبريطانيا... ولك تخيل أداء مثل هذا المجلس الذي بالكاد يجتمع. وإن اجتمع، فليس من السهل وصوله لقرارات واضحة، وبالتالي أدى غيابهم لتقوية دور الإدارة التنفيذية. وبالأمس تبين أن عصام البشير، العضو القوي في مجلس إدارة الهيئة، قد ألقت السلطات في السودان القبض عليه لاتهامه في غسل أموال، وتحويله مبلغاً كبيراً إلى حسابه في بنك تركي. تزامن ذلك أو سبقه صدور قرار من وزير الأوقاف فهد الشعلة ينص على تشكيل لجنة للتفتيش والرقابة على الهيئة الخيرية الإسلامية، مكونة من وكيل مساعد في وزارة الأوقاف، ومدير مكتب التفتيش والتدقيق فيها وعدد آخر من المحققين، وذلك للقيام بالتحقيق في التزام الهيئة بالأحكام الواردة في مرسوم تأسيسها والتأكد من حسن تطبيقها. كما كلف الوزير اللجنة التحقيق والاطلاع على محاضر لجنة المناقصات والمشتريات في الهيئة (!!) والتدقيق كذلك على لجان فرز وحصر وبيع «الموجودات المستغنى عنها»!! كما أجاز القرار الوزاري للجنة القيام بزيارات ميدانية لمقار الهيئة ومخازنها، وطلب أي بيانات أو مراجعة أي موضوعات يرى فريق الرقابة أنها ضرورية لاستكمال تحقيقاتهم والقيام بدورهم الرقابي. أتوقع شخصياً أن اللجنة ستصدم من حجم ما ستراه، فبعد 35 عاماً من العمل من دون أي رقابة تقريباً، مع وجود مئات ملايين الدنانير بين أيدي من يديرونها، فإن كل شيء متوقع. وأتمنى أن يطول نشاط لجنة التحقيق كل الجمعيات الخيرية الأخرى، حينها سيصاب أعضاء اللجنة بالجلطة من هول ما سيرونه!

أحمد الصراف

 

الارشيف

Back to Top