حمّامات نوري باشا

ولد نوري السعيد عام 1888، وهو أشهر سياسي عراقي في تاريخ العراق الحديث، وشغل منصب رئاسة الوزراء في عراق الملكية 14 مرة من 1930 وإلى وزارة مايو 1958. كان نوري السعيد وكانت سيرته محل جدل، واختلفت الآراء عنه وعليه، بين محب ومعجب وكاره مبغض، اضطر للهروب مرتين من العراق بسبب انقلابات حيكت ضده، ولكن في الانقلاب العسكري الثالث لم يستطع الهرب وقتل سحلا عام 1958. ولد الباشا في بغداد وتخرج في المدرسة الحربية في إسطنبول، حيث خدم في الجيش العثماني وساهم في الثورة العربية وانضم إلى الأمير فيصل في سوريا، وبعد فشل تأسيس الملكية في سوريا في ظل الانتداب الفرنسي، وتنصيب فيصل ملكا، لرفض الفرنسيين له، عاد نوري السعيد إلى العراق وساهم في تأسيس المملكة العراقية والجيش العراقي. حيكت قصص وحكايات كثيرة عنه، فقد كان صاحب شخصية نادرة، وصاحب نكتة وذكاء سياسي حاد قل نظيره. ومن القصص التي تروى عنه أن رئيس مجلس الإعمار(كان أول صندوق عربي يجري تأسيسه من عائدات النفط للصرف على المشاريع الحيوية) اشتكى له من رفض أعضاء المجلس المتكرر لاقتراحه المتعلق ببناء عشرات الحمامات العمومية، المراحيض، في مختلف أنحاء العاصمة، ليس فقط لندرتها، بل أيضا للقضاء على الطريقة غير الحضارية التي كان الرجال بالذات يقضون بها حاجتهم. طلب منه الباشا، وهو لقب منح له من الأتراك العثمانيين، وبقي لصيقا به، إعطاءه فرصة لحل الموضوع. قام بعدها الباشا بأيام بدعوة كل أعضاء مجلس الأعمار لبيته، وهناك أكرمهم ببذخ بكل ما لذ وطاب، وبالذات من الشراب. وعندما دارت الرؤوس وبدأت الطبيعة تنادي الرجال للبحث عن أقرب حمام لتلبية النداء وجدوا أن كل حمامات البيت مغلقة. فاضطر أغلبهم للتبول في الحديقة، وذهب له بعضهم يشكون من بقاء حمامات البيت مغلقة، وهنا قال للشاكين إنه قام بذلك عن قصد ليجعلهم يشعرون بما يشعر به الإنسان العادي وهو في السوق، ومدى أهمية وجود حمامات لائقة لقضاء الحاجة، خاصة للنساء، وإن عليهم الإسراع في تنفيذ اقتراح بناء حمامات في مختلف أنحاء العاصمة، وهذا ما تم، ولكن «انقلاب تموز المبارك» وضع حدا لكل ذلك. volume 0% ويبدو أننا بحاجة لقيام رئيس الوزراء، الجديد والمكلف، باستضافة أعضاء المجلس البلدي لبيته وإغلاق الحمامات، بعد أن يشبعهم بما لذ وطاب، ليشعرهم بمدى أهمية وجود أماكن لائقة لقضاء الحاجة. إنه أمر مخجل بالفعل عدم وجود ما يكفي من هذه الخدمة في دولة لم تترك دولة إلا ووصل خيرها لها، ولم يفكر المسؤولون فيها عن العاصمة الالتفات لهذا الأمر الحيوي بالرغم من اتصالاتنا مع عدد من كبار المسؤولين والكتابة عن هذه المشكلة أكثر من مرة، التي يعاني من عدم توافرها المواطن كما المقيم، والصغير قبل الكبير والمرأة قبل الرجل. هذا غير الساحات المتربة والخرابات في أماكن كثيرة من العاصمة، وأعمال الطرق التي طال أمد تنفيذها.

أحمد الصراف 



الارشيف

Back to Top