الداعية الأفاق وكبت أمه

من الأمور التي تستعيدها ذاكرتي، بين الحين والآخر، موقفي المبكر من داعية مصري «مودرن»، زار الكويت عدة مرات وحقق فيها لنفسه ثروة وشهرة، وذلك عندما عريته وكشفت حقيقته في أكثر من مقال، لقي آخره رواجا ومعارضة من البعض. قال عنه خالد رفعت، الباحث السياسي المعروف، انه سبق أن أعلن انضمامه للإخوان، وكان له دور في الدفاع عن أخونة مصر خلال حكم محمد مرسي، وانه كان على اتصال مع مخابرات غربية. كما أكد رفعت، من خلال صفحته على الـ «فيسبوك»، أن ذلك الداعية كان يمثل خطورة كبيرة على المجتمع والشباب المصري، وأن اتهامات وردت في «الإندبندنت» البريطانية عن توصية توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، بعض وزرائه الاهتمام به، ورعايته. كما قدم له رجال أعمال خليجيون دعما ماليا كبيرا. وبين رفعت ان المحرك الأساسي لذلك الداعية هو منظمة imagine nations group، التي يقال ان مؤسسها هو ضابط المخابرات الأميركي ريك ليتل الذي عمل في وقت سابق مستشارا لقضايا الشباب في الأمم المتحدة، وان الأخير هو من وضع خطط خلق فرص العمل لذلك الداعية المودرن، باعتراف شخصي أدلى به لصحيفة «الإندبندنت»، قائلا «عندما تنظر لمدى ما له من تأثير على مئات آلاف السذج الذين أسر قلوبهم، وكل ذلك النفوذ والأثر الذي يملكه عليهم بمعسول كلامه، تدرك مدى قوته وتأثيره، خاصة على الشباب». وأضاف ان منظمة imagine nations group هي تحالف لتغيير المجتمعات ودعم الإعلام المستقل ومنظمات المجتمع المدني، وهدفها التأثير على السياسات وبرامج التنمية الاجتماعية لتحقيق أهداف وثيقة الألفية الأميركية، موضحا أن ليتل هو أيضا مؤسس منظمة الشباب العالمي في بالتيمور بولاية ميريلاند الأميركية والتي تعمل حاليا في 70 دولة من خلال مئات البرامج الممولة من المخابرات الأميركية. كما أن المدير التنفيذي لـ imagine nations group هو الإسرائيلي يعقوب شيميل المسؤول عن برامج تطوير الأسرة التي تعمل حاليا في فرنسا وإنكلترا وإسرائيل، وهو المسؤول عن مؤسسة صندوق شيميل لتنمية قيم العائلة ومقرها إسرائيل، وكيف أن لكل هؤلاء علاقة بصاحبنا الداعية المودرن. وقال رفعت إن لينساي وايس، كاتبة رسالة الدكتوراه الشهيرة بعنوان «أشكال جديدة للتبشير الإسلامي في مصر»، سبق أن أوصت بتبني الداعية المذكور، لأنه حسب كلامها، يقدم تجربة إسلامية ديموقراطية! السؤال: اين اختفى ذلك الداعية المودرن، بعد أن جمع الملايين؟ لا يبدو أن أحدا لديه الجواب، وربما يكون يعيش حاليا منزويا في بيت أوروبي فخم، وهو يتمتع بما لذ وطاب، مبتسما من سذاجة من آمنوا بفكرة أنه يقدم خدمة للإسلام والمسلمين بمعسول كلامه، ورواياته الخرافية عن الأحوال في الجنة والنار وعذاب الآخرة والغرق في العرق وغيرها من ترهات خيالية. ولو سئل عن مصدر ثروته لقال انه وجدها في «كبت أمه»، وحتى صاحب الكبت، النائب السابق، اختفى تماما عن المشهد السياسي، وانزوى لينعم بما كسب من «سبات ضميره».

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top