شعب «مكاري» في المختبر

تعني «مكاري»، أو ما كاري، وقد تكون فارسية، الشخص أو الشعب الذي لا يود تحمل المسؤولية، ويتمنى على حكومته القيام بكل المهام نيابة عنه. وغني عن القول إن غالبية شعوبنا «ماكارية» بجدارة!

***

أصدر وزير الصحة قراراً قبل فترة منع فيه سفر المواطنين، إلا في أضيق الحدود ولأسباب جوهرية جداً. اعترض الكثيرون على القرار، وكنت أحدهم، وغردت بأن من الأفضل فتح الباب لمن يريد السفر، لنرتاح من 200 ألف مواطن أو أكثر، فيقل الضغط على كل مرافق الحياة، وعلى استهلاك الماء والكهرباء والغذاء وغيرها، شريطة قيام من يود المغادرة بتوقيع تعهد ملزم يخلي فيه مسؤولية الدولة من تحمل إعادته للوطن متى ما تعرض لمخاطر صحية أو أمنية! بعدها بأسبوع بثت سيدة كويتية نداء، من خلال وسائل التواصل، تطلب من الحكومة مساعدتها في العودة من إحدى الدول العربية. عفس نداؤها الحكومة، التي اضطرت للتدخل وتقديم المساعدة لها! أعادتني حادثة تلك المرأة لحقيقة أننا «قوم مكاري.. وما ننعطى وجه»!، وإلى حقيقة أن الغالبية تعتقد أن الحكومة مقصرة.. مهما فعلت! وإلى حقيقة ثالثة تتعلق بمدى جدية «تعهد السفر»، الذي يخلي الحكومة من مسؤولية مساعدة المواطن في العودة، في هذه الظروف غير المسبوقة التي يمر بها العالم! فلو وقعت كارثة، وتطلب الأمر إعادة مجموعة من المواطنين للبلاد، وجميعهم من الذين سبق أن حذرتهم الحكومة من السفر ولكنهم قاموا بذلك «على كامل مسؤوليتهم»، فإن تعهداتهم لن تعني شيئاً متى ما تعالى صراخ النواب في المجلس مطالبين الحكومة بإعادة أبنائهم من الخارج! وبالتالي أنا مع قرار وزير الصحة الذي منع فيه المواطنين من السفر حتى نهاية الشهر، وأتمنى تمديد القرار لمنتصف الشهر القادم!

***

طلبت الحكومة من الراغبين في السفر الحصول على شهادة pcr التي تثبت خلوهم من فيروس الكورونا. وحددت مختبراً معيناً «خاصاً» يمكن الحصول منه على الشهادة المطلوبة. قصر الأمر على مختبر دون غيره خطأ فادح، في ظل كل الفساد الذي نعيش فيه. وكان عليها التحرك قبل ذلك وتحديد أكثر من مختبر فحص! كما ان تحديد رسم الفحص بـ40 ديناراً، والقول إنه الأقل، مقارنة بدول المنطقة الأخرى غير صحيح، فربما هو الأعلى. كما كان على الوزارة إصدار لائحة تحدد شروط قبول المختبر الفاحص، من حيث الخبرات الموجودة فيه، والأدوات والطرق المتبعة في الفحص. فمن المهم جداً قيام المختبر بعملية «الري أيجنت» reagent، أو استخدام المادة أو الخليط المستخدم في التحليل الكيميائي الخاص بمعرفة نتيجة فحص المسافر من مصادر معتمدة، وليست صينية أو كورية مثلا، والتي يقال إنها غير معتمدة عالمياً! فخطورة إعطاء شهادة «خلو من المرض»، من مختبر خاص، ليسافر بها المواطن لدولة مثل سويسرا، ثم يتبين أنه مصاب، بسبب سوء الفحص، ستكون له تبعات خطرة، وسنكون مطالبين بدفع تعويضات كبيرة لمن خالطهم ذلك المواطن، وكل ذلك بسبب قيام المختبر الخاص باستخدام مواد فحص كيميائية غير معتمدة. volume 0% نضع هذا التحذير برسم الوزارة متمنين توخي الحذر في هذا الظرف الخطر.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top