المجلس الإسلامي للطيران المدني

ترتبط الدول العربية فيما بينها، وبين البعض منها والبعض الآخر، بمئات الاتفاقيات والاتحادات، الثنائية أو الإقليمية، ويقود تاريخ تأسيس بعضها لأكثر من سبعين عاما، وتشكو غالبيتها من الهرم والفساد وقلة العمل، وتضخمت أعدادها في أيام عز «القومية» والناصرية وتبعاتها، وانتهت لهياكل خاوية تأسست أساسا لتنفيع ضباط متقاعدين في مصر وسوريا والأردن وغيرها، ولتقوم الدول الخليجية، التي كانت مغلوبة على أمرها، وكما كانت العادة، بتغطية غالبية ميزانيات تلك الكيانات الفاشلة، وتغطية رواتب «القائمين عليها»، هذا غير البدلات والحفلات والعشوات والسياحة والسفر!
كان هدف تلك الاتفاقيات أن تنظم أو «تخرب» العلاقة بين هذه الدول، وكانت ولا تزال تغطي مجالات كثيرة، ولكن غالبيتها أصبحت لا تعمل ولا وجود لها غير لوحة باهتة ومغبرة على مبنى قديم متهالك لا يدخله أحد، وخير مثال المواقف المتناقضة والمتعارضة التي وقفتها 21 دولة شقيقة من قضية عادلة كقضية تحرير الكويت من الاحتلال الصدامي الحقير، بالرغم من كل الاتفاقيات التي كانت تتطلب منها الوقوف معنا!
***
قام مجلس الوزراء في الكويت قبل فترة قصيرة بالتصديق على اتفاقية النظام الأساسي للمجلس الإسلامي للطيران المدني! ولا أعتقد أن هناك عاقلا يعتقد بحاجة الدول العربية لمثل هذا المجلس الديني، فما علاقة الطيران بالعقيدة! العلاقة الوحيدة ربما تعود لما قبل 1200 عندما حاول العالم الأندلسي، عباس بن فرناس، الطيران بالقرب من قصر الرُصافة في بغداد، مستخدما جناحين، فسقط ومات، فنسينا كل تاريخه كعالم عظيم، واكتفينا بالسخرية منه لأنه فشل! لكن الغرب أنصفه وأطلق اسمه على إحدى فوهات القمر. كما قام العراق «الماضي» بوضع تمثاله أمام مطار بغداد، وربما أُزيل الآن أو تم تخريبه. كما أصدرت ليبيا، زمان أول، طابعاً باسمه، وأطلقت اسمه أيضا على فندق المطار.

أما في موطنه الأصلي فقد أطلقت سلطات الأندلس عام 2011 اسمه على جسر في مدينة قرطبة. كما افتُتح مركز فلكي في مدينة «رونده» الأسبانية الجميلة يحمل اسمه.
***
نعود للمجلس الإسلامي للطيران الإسلامي ونضيف بأن لدي أصدقاء مهتمين بالطيران، نفوا سماعهم به، أو الحاجة له أصلا، وقالوا تأسس غالبا لأغراض سياسية، وقد تكون الدوافع دينية. فلا الكويت ولا غيرها من الدول العربية والإسلامية، بحاجة لمثله لأنها ترتبط باتفاقيات ملزمة مع منظمات طيران عالمية كالأياتا، وهي بالتالي بغير حاجة للدخول في اتفاقيات إقليمية مماثلة تغطي الأنشطة نفسها، وقد تعرضها مستقبلا للإحراج إن تضاربت قرارات «الدولية» مع قرارات منظمة الطيران الإسلامية.

سيكلف هذا المجلس وبقية أعضائه العشر الآخرين، عشرات ملايين الدولارات «الصعبة» سنويا ليقوم بما تقوم به حاليا وبكل كفاءة منظمات دولية!

نتمنى على مجلس الأمة رفض قرار الانضمام لاتفاقية مجلس الطيران، فقد ولد لمنفعة البعض وليس لسد حاجة ماسة!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top