قصة مدام دكاش

كان جمع من الأثرياء العرب يجلسون في بار نادي قمار في لندن، عندما تعالى صوت النادل معنّ.فاً سيدة على سلوكها، وهنا قام أحدهم سائلاً النادل عن المشكلة.. أنهى الموضوع طالبا من السيدة الانصراف، بعد أن أكرمها بطريقته، وعاد لرفاقه الذين استغربوا تصرُّفه، فلم يُعرف عنه «عمل الخير» أو الفضول، فقال لهم: والقصة هنا تروى على لسان سليم اللوزي، رئيس تحرير «الحوادث» اللبنانية، الذي اغتالته المخابرات لمعارضته دورها في بلاده، بعد أن عاد لوطنه للمشاركة في دفن والدته.
يقول اللوزي إن ذلك الثري العراقي أخبرهم بأن عبدالكريم قاسم أقام حفلا ساهرا بمناسبة مرور عام على نجاته من محاولة اغتياله على يد صدام حسين ورفاقه من حزب البعث! وبسبب سوء علاقاته مع الكثير من الأنظمة العربية، قام بدعوة مطربين من لبنان لإحياء الليلة، وكانت تلك السيدة من بين المدعوات لإحياء ذلك الحفل، وأن قاسم قام في لحظة نشوة، وخاصة عندما قامت بالإشادة به وببلاده، بإصدار أمر بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وأنه كان أحد هؤلاء، وأنه ترك العراق بعدها بساعات وعاش في بريطانيا، حيث كوَّن ثروته، وبالتالي فإن الفضل يعود لتلك السيدة التي دفعت أغنيتها «الزعيم الأوحد» لأن يصدر أوامره تلك!
***
ولدت لور دكاش عام 1917 في أسرة مارونية في منطقة حارة حريك، الجزء الأقرب لبيروت من الضاحية الجنوبية. وبسبب جمال صوتها شجَّعها والدها على الغناء، وكانت لم تتجاوز التاسعة من العمر عندما سجلت أول أسطوانة. كما كانت تجيد التلحين والعزف على العود. وبدأت شهرتها عام 1939 عندما غنت «آمنت بالله»، التي وضعت أيضا ألحانها، ولكنها اضطرت لنسبتها لفريد غصن، الذي كان عضوا في نقابة الملحنين في مصر وباريس، وبالتالي ضمن لها حقوقها. استدعتها الإذاعة المصرية عام 1945 لتستقر هناك بعقد طويل، وتحصل بعدها على الجنسية المصرية، وتقوم بغناء وتلحين عشرات الأغاني للإذاعة، واشتهرت الكثيرات منها. وتوفيت لور عام 2005 ودُفنت في مقبرة الموارنة في القاهرة.
ولا أزال، وغيري الكثيرون، يستمتعون بسماع أغنية «آمنت بالله» بصوتها العذب الجميل، بالرغم من مرور ثلاثة أرباع القرن عليها، وتقول فيها: «أمنت بالله، نور جمالك آية، آية من الله، أمنت بالله. نور جمالك نور عجيب، يذكي في القلب اللهيب، يذرف الدمع الطبيب كل من صابوا هواه، أمنت بالله، نور جمالك للسقيم لو رآه يصبح سليم، لو في جنات النعيم ما طلب نعمة سواه، نور جمالك في الكمال يحيي في النفس الآمال»!

الارشيف

Back to Top