هل نحتاج إلى قنبلة نووية؟

على هامش استضافة قطر لكأس العالم، أرسل أحدهم تغريدة تهكمية تعلقت بسابق رفض اليابان السماح بدخول اللاعب مارادونا إليها، خلال استضافة اليابان للبطولة، بسبب ما أشيع عن إدمانه المخدرات، وكيف سمحت الدولة نفسها للأميركيين بالمشاركة فيها، على الرغم من اقترافهم جريمة إلقاء قنبلتين نوويتين على اليابان عام 1945.
 
لو طبق ما يدعو إليه هذا المغرد، لما أقيمت مناسبة عالمية واحدة، فجرائم الأتراك والعرب والمسلمين، والأوروبيين والأميركيين، بمجملها، شملت العالم أجمع، فكيف ستقام أية مناسبة بغير حضور ممثلي هذه الدول؟
***
ما لا يعرفه الكثير أن قنبلتي هيروشيما وناكازاكي، على الرغم من القتل والدمار الرهيبين وغير المسبوقين اللذين تسببتا بهما، فإن إلقاءهما لم يكن بكل ذلك السوء الذي تصوّره البعض!

لا شيء يبرر القتل غير الخوف من أن عدم الإقدام عليه سينتج عنه قتل أكبر، فمن يدخل مكانا بغرض قتل من فيه يعطي الآخرين حق قتله!
***
تميزت اليابان، طوال تاريخها السابق لهزيمتها في الحرب العالمية الثانية، بروح قتالية عالية. كما اشتهرت باستصغارها لبقية الشعوب، وأذلت كثيراً منها، ولم يكن من الممكن تغيير تفكيرها العدواني بغير فعل غير عادي، فكان قرار إلقاء القنبلتين عليها، واجتثاث مؤسستها العسكرية.

أسفرت القنبلة الأولى على هيروشيما في 6 أغسطس 1945 عن مقتل حوالي 140 ألف شخص، وأسفرت الثانية عن مقتل حوالي 50 ألفاً! وكانت تقديرات خبراء الحلفاء العسكريين تؤكد أن قواتهم ستفقد نصف مليون جندي، وما يماثل ذلك من اليابانيين، إن حاولت هزيمة اليابان بالطرق التقليدية، لعلمهم بأن الجيش الإمبراطوري الياباني لا يعرف الاستسلام، بعد أن أجبَر جميع رجاله على القتال حتى الموت في كل حروبهم، وحتى المدنيون أُجْبِرُوا على القتال بحراب الخيزران، وكانتحاريين ضد دبابات الحلفاء. وبينت الوثائق السرية اليابانية، التي تم العثور عليها تالياً، أنهم كانوا على استعداد لقبول وقوع عشرات ملايين الضحايا بين صفوفهم، قبل استسلامهم. وبالتالي كان إلقاء القنبلتين، في المحصلة النهائية، خيراً على اليابان، حيث خلصتها، إلى الأبد، من روحها العسكرية، ومن اعتبار الإمبراطور إلهاً لا راد لكلمته، ودفعتها إلى توجيه كل أموال تسليح الجيش، وقدراتها الإنتاجية العظيمة كافة نحو تقدمها الصناعي والتقني والتجاري. كما نجحت في الاستعانة بالقدرات الأميركية في تطوير نظامها التعليمي والإداري، والتحول إلى دولة ديموقراطية رائعة خالية تقريباً من الفساد، متربعة على عرش الرفاهية والسلام!
***
على المقلب الآخر، الذي يخصنا، فقد جاورنا الإسرائيليون، الدولة الأكثر تقدماً في المنطقة، والأعلى في مستوى المعيشة، لأكثر من سبعين عاماً، ومع هذا لم نستفد من جيرتهم شيئاً، ولا حتى في الوقوف بالطابور، مثلما فشلنا في الاستفادة من المزايا القليلة التي تحلى بها الصليبيون اثناء احتلالهم فلسطين وبلاد الشام ومصر لأكثر من 180 عاماً، كما فشلنا في تعلم شيء من حملة نابليون والإنكليز، التي جاءت بعدها، وتعلمنا من الأتراك صنع البقلاوة.. والخازوق.

كما رفضت قوى التخلف أن نتعلّم شيئاً من الأميركيين، بالرغم من وجودهم بين ظهرانينا، وفي وسط صحارينا، منذ أكثر من ثلاثة عقود، وكأن بيننا وبينهم حائطاً يمنعنا من اللقاء!
***
كما وقفت شعوبنا، وبشكل غريب ، طوال تاريخنا الطويل، مع الجانب الخاسر، حيث تضامنا في الأندلس مع الجانب الخاسر، ووقف غالبية العرب في الحربين العالميتين، مع الجانب الخاسر، ووقف ما يماثلهم غباءً، خلال غزو الكويت واحتلالها، مع الطاغية المحتل «صدام»، مع تمام علمهم بإجرامه، وأنه أفّاق لا يستحق أي احترام. كما وقف الكثيرون منا مؤخراً مع روسيا، ربما كرهاً في الغرب!
***
سقطت تفاحة من شجرة على نيوتن، فاكتشف نظرية الجاذبية، فهل سنكتشف شيئاً إن سقطت قنبلة نووية علينا؟

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top