المخازن الدامية.. وأسعار الأدوية الهاوية

في أكتوبر 2021 أرسل مجلس الوزراء كتاباً لرئيس جهاز متابعة الأداء الحكومي، يطلب فيه منه تكليف الهيئة العامة للاستثمار دراسة مدى الجدوى من تأسيس شركة حكومية مقفلة لإنشاء وإدارة وتشغيل مناطق تخزينية عمومية للمواد الغذائية والدوائية وغيرها، وموافاة الجهاز بالرد خلال 6 أشهر (!!).

مر على القرار أعلاه 16 شهراً، وليس في الأفق ما يدل على أن هناك نية أو قراراً بتأسيس شركة أو شركات تقوم بتوفير احتياجات السوق الماسة لمناطق تخزين.

أكتب هذا، وأنا مستفيد من الوضع المترهل والسايب الحالي، ولكن من يصدق أنني أكتب ضد مصلحتي الشخصية؟
***
ما رأيناه بدلاً من ذلك هو الطلب من شركة أجيليتي إخلاء مخازنها وتسليمها لهيئة الصناعة، لتقوم الحكومة بالحلول محل الشركة وتحصل فرق الإيجار لنفسها، بدلاً من أجيليتي، التي تدير هذه المساحات بعقود قانونية سارية المفعول! ولهذا رأينا أن الأجهزة الحكومية تلكأت مؤخراً، في التحرك وغل يد الشركة ونزع المخازن من إدارتها، بعد أن أفادتها مصادرها القانونية والإدارية بأن هيئة الصناعة قد تصدر بحقها مستقبلاً أحكاماً قضائية بسبب تعسفها في تنفيذ أوامر الإخلاء، وقد تضطر إلى دفع ملايين الدنانير للشركة، في صورة تعويضات!
***
نعلم جميعاً أنه بإمكان الحكومة أن تفعل ما تشاء، إن «اشتهت»، ولكننا لم نعتد من حكوماتنا هذه القسوة وهذا التعسّف في تطبيق أوامر، هي أعلم من غيرها بعدم قانونيتها!

نعيد ونكرر أن لدى الحكومة عشرات ملايين الأمتار من الأراضي غير المستغلة والصالحة لمختلف الاستخدامات، وبإمكانها إما طرحها للبيع، وإما تلزيمها للشركات لجعلها صالحة للاستخدام، مع بناء كل الخدمات، بنظام الـ«بي أو تي»، أو تأسيس شركات مساهمة أو حكومية لتقوم بإدارتها بطريقة تجارية، تحقق فائدة لجميع الأطراف!
***
الخلاصة، نحن إلى الآن، وبعد مرور 60 عاماً على صدور الدستور لا نعرف هل نحن دولة اشتراكية أم رأسمالية؟ وهل تدار التجارة من القطاع العام أم الخاص؟

فمن المضحك تكرار مقولة إن الحكومة مع رفاهية المواطن، ومع تشجيع القطاع الخاص، ولكن أحياناً كثيرة لا يبدو أن الأمور تسير في هذا الاتجاه. فرفع إيجارات أملاك الدولة، الذي طالما نادينا به، جاء كبيراً، وفوق طاقة الكثيرين، وهؤلاء سيقومون بتعويض ذلك من جيب المواطن أو المستهلك، أو المستفيد من الخدمة، برفع أسعار كل مادة وخدمة.

كما أن الحكومة قامت مؤخراً بتخفيض نسبة ربح مستوردي الأدوية بنسبة %5، في الوقت نفسه الذي رفعت فيه إيجارات أملاك الدولة، ورفع «المركزي» سعر الخصم بنسبة نصف في المئة!

لست ضد هذه الإجراءات بطبيعتها، ولكنها تبيّن بوضوح أننا نسير وفق أهواء وأمزجة، وليس ضمن خطة اقتصادية متكاملة.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top